إذاً: المفرد هو الذي لا يراد بالجزء منه، إذاً: ليس له جزءٌ أو له جزء.
(لاَ يُرُادُ بِالجُزْءِ مِنْهُ دِلاَلَهٌ عَلَى جُزْءِ مَعْنَاهُ).
يعني: لا يدل جزءه على جزء معناه؛ لأن معنى اللفظ .. عندنا لفظٌ وعندنا معنى، حينئذٍ إذا كان جزء اللفظ يدل على بعض المعنى، حينئذٍ نقول: هذا مركّب، وإذا كان لا يدل حينئذٍ صار مفرداً.
قوله: (دِلاَلَهٌ) أورده منكَّراً إشارة إلى اعتبار عموم سلب الدلالة في تعريف المفرد بأي دلالة كانت، سواءٌ كانت مطابقة أو تضمناً أو التزاماً.
قال هنا: لكن لا يدل عليه. أي: بعد نقله وجعله عَلماً لصيرورة كلمتيه اللتين تركب منهما كحرفي هجاءٍ كزاي زيدٍ ويائه. هذا قول.
استدراكٌ على قوله: ذو معنى لِرفع إيهامه دلالتَه عليه.
قال الشيخ في الشفاء "إذا أطلق الشيخ المراد به ابن سينا": إنه لا يصدُق على عبد الله علماً أنه يدل جزءه على معنى، صارت نسياً منسياً، بل كل جزءٍ من أجزائه عند قصد معناه العلَمي بمنزلة زاي زيد.
يعني: صار المعنى السابق نسياً منسياً .. عبد الله عَلماً عبدُ مثل زاي زيد لا معنى لها، هذا قولٌ.
وقولٌ آخر: أن المعنى مراد موجود كما هو، لكنه غير مقصود.
وهذا توجيه الشيخ الأمين رحمه الله تعالى في المقدمة.
قال: (كالحيوان الناطق علماً لإنسان؛ لأن المراد ذاتُه لا الحيوانيةُ والمناطقيةُ) يعني: لم تُقصَد بالذات، مع أنه حيوان ٌناطق، لو سُمِّي أي شخصٍ من بني آدم حيوان ناطق لا بد أن يكون حيواناً ناطقاً لأنه إنسان، وإلا لخرج عن كونه إنساناً، لكنه لم يُقصَد أن يوصف بهذه المعاني، وإنما قُصِد علم الشخص.
هذا التعريف أخذه بعض النحاة، جاءت العدوى عند بعض النحاة، فعرَّف به المفرد في باب الإعراب، قال: المفرد هو ما لا يدل جزءه على جزء معناه، هذا التعريف موجود في قطر الندى وفي غيره .. ما لا يدل جزءه على جزء معناه يعني: ليس له جزء أو له جزءٌ ليس له معنى، أو له جزءٌ وله معنى، ولكنه لا يدل على جزء معنى اللفظ المفرد.
يعني: زيد هذا لفظ مفرد، له معنى أو لا؟ له معنى، هل جزءه يدل على شيءٍ مما دل عليه اللفظ؟ لا، حينئذٍ نقول: هذا مفرد.
لكن التعبير بكونه لا يدل جزءُه على جزء معناه، محل الخلاف هنا في: عبد الله عَلماً ونحوه. يعني: في المركبات الإضافية أو التوصيفية أو الجمل إذا نُقلت فصارت أعلاماً.
عبدُ الله علماً "وَشَاعَ فِي الأَعْلاَمِ ذُو الإِضَافَهْ" إذاً: عندنا عَلمٌ ذو إضافة، إذا قلنا: صار نسياً منسياً ما صار مضافاً.
إذاً: القول بأن المفرد في باب الإعراب هناك عند النحاة: ما لا يدل جزءُه على جزء معنا، نقول: هذا من تداخل الحدود وهو حد فاسد، وقد نص غير واحد على ذلك.
الصبّان في حاشيته على الأشموني والبيجوري في شرح نظم الآجرومية للعمريطي، وكذلك الفُتوحي في مقدمة أول شرح المختصر، وابن اللَّحام في مختصر أصول الفقه، وياسين في حاشيته على مجيب الندا قالوا: هذا خطأ، نُغلِّطه لا نقول خلاف سائغ .. لا. غلط من أصله؛ لأن عبد الله هذا مؤلف من كلمتين، عبد الله وهو مضاف ومضاف إليه.
ولذلك حتى السيوطي وافقهم في هذا "وافق المناطقة هنا" في همع الهوامع، وكذلك الأشموني في شرح الألفية وهو غَلَط.