أُمُّ سُلَيْمٍ إلى تَمْرٍ وسَمْنٍ وأَقِطٍ، فَصَنَعَتْ حَيْساً فجعلَتْهُ في تَوْرٍ، فَقَالتْ: يَا أَنَسُ! اذهَبْ بهذا إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقُلْ: بَعَثَتْ بهذا أُمِّي إليكَ، وهيَ تُقْرِئُكَ السَّلامَ، وتَقُولُ: إنَّ هَذا لكَ مِنَّا قَلِيلٌ يَا رَسُولَ الله! فذهبْتُ فقلتُ، فَقَالَ: "ضَعْهُ"، ثُمَّ قَالَ: "اذهَبْ فادْعُ لي فُلاناً وفُلاناً وفُلاناً - رِجالاً سمّاهُمْ -، وادْعُ مَنْ لَقِيتَ"، فدعَوْتُ مَنْ سَمَّى ومَنْ لَقِيتُ، فرجعتُ، فإذا البَيْتُ غَاصٌّ بأهلِهِ، قِيلَ لِأَنَسٍ: كَمْ كَانَ عَدَدَكُمْ؟ قال: زُهاءَ ثَلاَثِ مِئَةٍ، فَرَأَيتُ النَّبيَّ وَضَعَ يَدَهُ على تِلْكَ الحَيْسَةِ، وتَكلَّمَ بَما شَاءَ الله، ثُمَّ جَعَلَ يَدعُو عَشَرَةً عَشَرةً يأْكُلونَ منهُ ويقولُ لهُمْ: "اذْكُروا اسمَ الله عَلَيْهِ، ولْيأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَليهِ"، قال: فَأَكَلوا حتَّى شَبعوا، فخَرَجَتْ طَائِفةٌ ودَخلَتْ طَائِفةٌ حتَّى أكَلوا كلُّهُمْ، فقالَ لي: "يا أنسُ! ارْفَعْ"، فرفَعْتُ، فَمَا أدْرِي حِينَ وضَعْتُ كَانَ أكثرَ أمْ حينَ رَفَعْتُ!.

"وقال أنس - رضي الله عنه -: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - عروساً بزينب"؛ أي: متزوجاً بها.

"فعمدت"؛ أي: قصدت.

"أمي أمُّ سليم إلى تمرٍ وسمنٍ وأَقِطٍ، فصنعت حَيْساً": وهو تمر يخلط بسمنٍ وأقطٍ.

"فجعلته في تَورٍ": وهو: إناء يشرب فيه.

"فقالت: يا أنس! اذهبْ بهذا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقل: بعثَت بهذا إليك أمي، وهي تقرئك السلام، وتقول: إن هذا لك منا قليلٌ يا رسول الله، فذهبت وقلت، فقال: ضعه، ثم قال: اذهب، فادعُ لي فلاناً وفلاناً وَفلاناً رجالاً سماهم، وادعُ لي من لقيت، فدعوت من سمى، ومن لقيتُ، فرجعتُ فإذا البيتُ غاصٌّ"؛ أي: ممتلئٌ.

"بأهله، قيل لأنسٍ: عددكم كم كانوا": جمع الضمير نظراً إلى معنى العدد؛ لزيادته على الواحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015