قَالَ: فأكَلوا حتَّى شَبعوا، وفَضَلَتْ فَضْلَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلَّا الله وأنِّي رَسُولُ الله، لا يَلْقَى الله بهِما عبدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فيُحْجَبَ عن الجَنَّةِ".

"قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: لما كان يوم غزوة تبوك أصاب الناسَ مَجاعةٌ": بفتح الميم؛ أي: جوع.

"فقال عمر - رضي الله عنه -: يا رسول الله! ادعهم بفضل أزوادهم": جمع زاد، وهو الطعام الذي يُتَّخذُ للسفر؛ يعني: اطلب منهم أن يأتوا ببقية أزوادهم.

"ثم ادع الله لهم عليها بالبركة": قيل: هي ثبوت الخير الإلهي في شيء، وذلك إما أن يجعل الله القليل مشبعاً بقدرته بالبركة القديمة، وإما بزيادته في أجزائه زيادةً غير محسوسة ابتلاء للآكلين.

"فقال: نعم، فدعا بنطعٍ فبُسطَ، ثم دعا بفضل أزوادهم، فجعل الرجل يجيء بكفِّ ذرة، ويجيء الآخر بكف تمر، ويجيء الآخر بكسرة، حتى اجتمع على النطع شيءٌ يسير، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبركة، ثم قال: خذوا في أوعيتكم، فأخذوا في أوعيتهم، حتى ما تركوا في العَسْكِر وعاءً إلا ملؤوه، قال: فأكلوا حتى شبعوا، وفضلت فضلةٌ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما"؛ أي: بالشهادتين.

"عبدٌ غيرُ شاكٍّ"؛ أي: غير متردد في الإسلام، يجوز رفع (غير) على أنه صفة (عبد)، ونصبه على أنه حال.

"فيحجبَ": بالنصب جواب النفي؛ يعني: من لقي الله بالشهادتين من غير ترددٍ وشكٍّ فلا يحجب "عن الجنة" البتَّةَ.

* * *

4628 - وقَالَ أَنسٌ - رضي الله عنه -: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَروساً بزَيْنَبَ، فعَمَدَتْ أُمِّي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015