وثانيها: أنه تعالى أكثر الماء في ذاته، فصار يفور من أصابعه.
"قال قتادة: قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاث مئة، أو زُهاء ثلاث مئة": بضم الزاء المعجمة وبالمد؛ أي: مقدارها.
* * *
4625 - عَنْ عبدِ الله بن مَسْعودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا نعُدُّ الآياتِ برَكَةً، وأنتُمْ تَعُدُّونَها تَخْوْيفاً، كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ فَقَلَّ المَاءُ، فَقَالَ: اطلُبوا فَضْلةً من مَاءٍ، فَجَاءُوا بإناءٍ فيهِ مَاءٌ قليلٌ، فأدْخَلَ يَدَهُ في الإِناءِ ثُمَّ قَالَ: "حَيَّ على الطَّهورِ المُبارَكِ، والبَرَكَةُ مِنَ الله"، فلقدْ رأيتُ الماءَ يَنبُعُ منْ بينِ أَصَابعِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولَقدْ كُنَّا نسمعُ تسبيح الطَّعامِ وهوَ يُؤْكَلُ.
"وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: كنا نعد الآيات": جمع آية، وهي العلامة، والمراد بها: المعجزات، سميت آية؛ لأنها علامة على نبوته - صلى الله عليه وسلم -.
"بركةً، وأنتم تعدُّونها تخويفاً": قيل: أراد ابن مسعود بذلك أن عامة الناس لا ينفع فيهم الآيات التي نزلت بالعذاب والتخويف، وأن خاصتهم - وهم الصحابة - ينتفعون بالآيات المقتضية للبركة.
"كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فقلَّ الماء، فقال: اطلبوا فضلةً من ماء، فجاءوا بإناء فيه ماء قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيَّ على الطهور المبارك"؛ أي: هلموا إليه وأسرعوا.
"والبركة من الله": وأصل البركة: الثبات والدوام.
"ولقد رأيت الماء ينبع من بين أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد كنا نسمع تسبيحَ الطعام وهو يؤكل": وإنما سبح؛ لأنه كان خير طعام؛ لكونه مأكول خير الأنبياء.