حرصهم عليه، وتطمئن نفوسهم، فعند ذلك نزولُ البركة متوقعٌ من عند الله، فلهذه الحكمة قال: ائذن لعشرة عشرة.
وقيل: يحتمل أن يكون لضيق بالمنزل.
"ويروى: أنه قال: ائذن لعشرة، فدخلوا فقال: كلوا، وسموا الله، فأكلوا حتى فعل ذلك بثمانين رجلاً، ثم أكل النبي - صلى الله عليه وسلم - وأهل البيت، وتركوا سُؤْراً": بالهمزة؛ أي: بقية من الطعام.
"ويروى: فجعلت أنظر؛ هل نقص منها شيء؟ ويروى: ثم أخذ ما بقي فجمعه، ثم دعا فيه بالبركة، فعاد كما كان، فقال: دونكم هذا"؛ أي: خذوه وكلوه، اسم فعل للأمر.
* * *
4624 - وقَالَ أَنسٌ - رضي الله عنه -: أُتِىَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بإناءٍ وهَوَ بالزَّوْراءِ، فوَضَعَ يَدهُ في الإِناءِ فجعَلَ الماءُ يَنبُعُ منْ بينِ أَصَابعِهِ، فتوضَّأَ القَوْمُ، قال قَتادةُ - رضي الله عنه -: قُلتُ لِأَنَسٍ: كمْ كنتُمْ؟ قالَ: ثَلاثَ مَئِةٍ، أوْ زُهَاءَ ثَلاثَ مِئَةٍ.
"وقال أنس - رضي الله عنه -: أُتي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بإناء وهو بالزَّوراء" بفتح الزاء المعجمة وسكون الواو: وهي دار عثمان - رضي الله عنه -، موضعٌ بالمدينة، وفي الأصل: البئر البعيدة القعر، قيل: سميت بذلك؛ لبعدها عن المدينة.
"فوضع يده في الإناء، فجعل الماء ينبع"؛ أي: ينصب.
"من بين أصابعه، فتوضأ القوم": قال النووي: في كيفية هذا النبع قولان:
أحدهما: أن الماء يخرج من بين أصابعه، وينبع من ذاتها، وهو قول أكثر العلماء، وهذا أعظم [في] المعجزة من نبعه من حجر.