) يُفرقُ ما بين الكُماةِ وبينها ... بطعنٍ يُسلى حره كل عاشقِ (

اي بين الكماة ونسائهم، بطعن يؤلم العاشق، فيُسليه بحرهِ عن المعشوق.

) أتى الطعن حتى ما تطيرُ رشاشةٌ ... من الخيل إلا في نحُورِ العوانق (

الرشاشُ: ما أرش من الدم. يقول: ألْحق عقيلا بحلالهم وعيالهم، حتى إنهم إذا أصيبوا بالطعان، طارت دماؤُهم في نُحور الشواب من النساء. وبالف باختصاص الشواب، لأنهن لوازم لزوايا الخُدور، فذلك أغرب.

) وَملَمُوسةٌ سيفيةٌ ربعيةٌ ... يصيحُ الحَصَى فيها صياح اللقالقِ (

ويروى تصيح الحصى. مَلموُمة: يعني كتيبة مجتمعة لم بعضها إلى بعض، اي جُمع. وقيل مجموعة كالحجر اللملموم. والقولان متقاربان. سيفية: منسوبة إلى سيف الدولة منها.

) يصيح الحصى فيها اللقالق (

اي قد كثر فيها الخيل والرجل، الحصى يصيح تحت حوافر الخيل، وأرجل الرجال، صياح اللقالق: وهي نوع من الطير. واحدها لقلاق. وحقيقة اللقالق: الصوت، فسمي هذا النوع من الطير لقلاقاً بصوته، وكان يجب على هذا) صياح اللقالين (لان واحدهما لقلاق. وإذا كانت الألف وغيرها من حروف اللين رابعة في الواحد، ثبتت ياء في الجمع، نحو حملاق وحماليق، وكُردوس وكراديس، وشملال وشماليل. لكن الشاعر إذا اضطر حذف هذه الياء في الجمع. أنشد سيبويه:

قد قربت ساداتها الروائسا ... والبكراتِ الفثتح العطامِسا

فكذلك اضطر هذا الشاعر، فحذف ياء) اللقالين (ولا يلتفت إلى قول العامة في واحدها) لقلق (، فإن ذلك خطأ.

وقيل: كانت هذه الكتيبة مَكسوة تجافيف ودروعاً فإذا وضع الفرس حافره على حصاة أطارها، فقرعت تجفافاً أو درعاً، فأشبه صوت وقوعها بالدرع أو التجفاف، صوت اللقلاق. واستعار الصياح للحصى وإنما الصياح للحيوان. ومن رواه) تصيح (اراد تُصيح هذه الكتيبة الحصى، وكان يجب على هذه الرواية أن يقول إصاحة اللقالق، لان مصدر أفعل إنما هو الإفعال، فإن كان الفعل معتل العين، وكان مصدره إفعالة، تحذف العين، ويجعل الهاء عوضاً منها، كقوله أقَالهُ إقاَلَةً، وأقامه إقامةً، لكنه قال: صياح، فجاء بالمصدر على غير فعله، لانه اراد فتصيح صياح القالق، وفي التنزيل) واللهُ أنْبَتَكُم من الأرْض نَبَاتَاً (اي فنبتم نباتاً. ومثله كثير، قد أفرد سيبويه فيه باباً.

) وكانَ هَديراً من فُحُولٍ تركتها ... مثهلبة الأذنابِ خُرس الشقاشقِ (

اي كان هذا الذي أبدتُه عُقيل من الطغيان والأشر. بمنزلة الهدير للفحول، والفحول إذا هاجت هَدَرَت، وأخرجت شقاشقها، وهي هنوات تخرج بيضاً وحُمراً كالرئة. أنشد ابن دريد في صفة شقشقة حمراء: في جَوْنةٍ كقفدانِ العطارْ الفقدان: أدمة حمراء، تصان فيها أتواع العطر، فشبه الشقشقة في لونها وعظمها لها. والجَوْن: يكون للأبيض والأسود والأحمر.

وإنما قلنا هنا: إنه يصف شقشقة حمراء. لتشبيهه إياها بالفقدان، والفقدان أحمر. فاذا تهادرت الإبل، شُدت أذنابُها وأهلابُها، فسكنت وخَرِست شقاشقها وذلت، فجعل عُقيلا بمنزلة الفحول، وأشرها وتوعُّدها لسيف الدولة كالهدير. وجعل إذله لهم، وتحبيسه إياهم، بمنزلة تهليب الأذناب، وإخراس الشقاشق.

وإن شئت قلت: لما هزمهم، فأدرك بعضاً وفاته بعض، كانوا بمنزلة فحول صال عليها فَحل مُقرم، فهربتْ أمامه، فهلب ما أمكنه من أذنابه اي نسفها.

وله ايضا:

) وغيرها التراسُلُ والتشاكي ... وأعجبها التلُّبُ والمُغارُ (

اي تراسلوا بما لقُوه من هذا الملك، وشكاه بعضهم إلى بعض، فدعاهم ذلك إلى ترك الطاعة، وغيرهم عن الائتمار لسيف الدولة.) وأعجبها التلبب (وهو التحزم بالسلاح، والمُغارُ: اي الإغارة على الأحياء.

) فكُنت السيف قائُمُه إليهم ... وفي الأعداء حدك والغرارُ (

اي كنت قبل نفاقهم وشقاقهم، سيفاً مردود القائم إليم، لا تقطعهم ولا تؤذيهم، لان القائم. وفي أعدائهم غرارك: اي حدك وله التأثير.

) فأمْست بالبديةِ شفرتاهُ ... وأمسى خلف قائمه الحيارُ (

البدية والحيار: ماء أن بأرجان. والحيار أقرب إلى العمارة فيقول: سير من الحيار إلى البدية وبها أدركهم، فصار الحيار خلف القائم. والشفرتان بالبدية، ضارباً لهم بالسيف، الذي كان قبل مشاقتهم له يضرب به أعداءهم عنهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015