المجيبُ، الواسعُ، الحكيمُ، الودودُ، المجيدُ، الباعثُ، الشهيدُ،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بأي نواحى الأرض أبغى وصالكم وأنتم ملوك ما لمقصدكم نحو
((الكريم)) المفضل. الذي يعطى من غير مسألة، ولا وسيلة، وقيل: المتجاوز الذي لا يستقصى في العتاب. وقيل: المقدس عن النقائص والعيوب. من قولهم: كرائم الأموال لنفائسها. ومنه سمى شجر العنب كرمًا، لأنه طيب الثمرة، قريب المتناول، سهل القطاف، عار عن الشوك، بخلاف النخل، وحظ العبد منه: أن يتخلق به، فيعطى من غير موعدة، ويعفو عن مقدورة، ويتجنب عن الأخلاق المردية، والأفعال المؤذية.
قال الشيخ أبو القاسم: قيل: الكريم هو الذي إذا أذنبت اعتذر عنك، وإذا هجرت وصلك، وإذا قدم من السفر زارك، وإذا افتقر أحسن إليك ببقية ماله. وقيل: الكريم الذي يرى لمن يقبل عطاءه منه علي نفسه. وقيل: الكريم هو الذي إذا رفعت إليه حاجتك عاتب نفسه، كيف لم يبادر إلي قضائها قبل أن تسأله. وأنشد في المعنى الأول:
إذا شئت أن تدعى كريمًا مكرمًا حليما ظريفًا ماجدًا فطنًا* حًرا
إذا ما بدا من صاحب لك زلة فكن أنت محتالاً لزلته عذرًا
((الرقيب)) الحفيظ الذي يراقب الأشياء ويلاحظها، فلا تعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. وحظ العبد منه: أن يراقب أحوال نفسه، ويأخذ حذره من أن ينتهز الشيطان منه فرصة، فيهلكه علي غفلة فيلاحظ مكامنه ومنافذه، ويسد عليه طرقة ومجاريه. قال الشيخ أبو القاسم: المراقبة عند هذه الطائفة هي أن يصير الغالب علي العبد ذكره بقلبه، ويعلم أن الله تعالي مطلع عليه، فيرجع إليه في كل حال، ويخاف سطوات عقوبته في كل نفس، ويهابه في كل وقت، فصاحب المراقبة يدع من المخالفات استحاء منه وهيبة له، أكثر مما يترك من يدع من المعاصى لخوف عقوبته، وأن من راعى قلبه، عد مع الله أنفاسه، فلا يضيع مع الله نفسًا، ولا يخلو عن طاعته لحظة، كيف وقد علم أن الله يحاسبه علي ما قل وجل.
وحكى عن بعضهم: أنه رئى في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وأحسن إلي إلا أنه حاسبنى حتى طالبنى بيوم كنت صائمًا، فلما كان وقت الإفطار أخذت حنطة من حانوت صديق لي فكسرتها، فذكرت أنها ليست لي، فألقيتها علي حنطته، فأخذ من حسناتى مقدار كسرها. ومن تحقق ذلك لم يزج في البطالات عمره، ولم يمحق في الغفلات وقته.
((المجيب)) هو الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، أو يسعف السائل إلي ما التمسه واستدعاه، وحظ العبد منه: أن يجيب ربه أولا فيما أمره ونهاه، ويتلقى عباده بلطف الجواب وإسعاف السؤال. قال الشيخ أبو القاسم: في الخبر ((إن الله يستحيي أن يرد يد عبده صفرًا)) وأنه تعالي