سنبدأ من مبدأ المقاربة، النبي صلى الله عليه وسلم قبل رحلة الإسراء والمعراج كان قد ذهب إلى الطائف فصده أهلها، فالصدود الذي حصل من أهل الطائف عوض الله جل وعلا نبينا صلى الله عليه وسلم عنه بالصعود إلى السماوات السبع؛ لأن الطائف عالية مرتفعة عن مكة، فالله جل وعلا عوضه عن الطائف بالسماوات السبع، وعوضه عن أهل الطائف الذين صدوه بأن فتح له أبواب السماوات السبع، فلما رده أهل مكة ومنعوه من دخول البيت والطواف به، ولم يدخله صلى الله عليه وسلم إلا في جوار مطعم بن عدي، عوضه الله عنه بذلك الاحتفاء الذي ناله صلى الله عليه وسلم بالمسجد الأقصى يوم أن أم النبيين وصلى بهم عليه الصلاة والسلام.
وقد جاء في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى بهم التفت فإذا فيه مشيخة الأنبياء: إبراهيم وإسحاق ويعقوب وكبار أنبياء الله ورسله، فقال: إن الله قد أمرني أن أسألكم: هل أمركم الله أن تدعوا إلى عبادة أحدٍ غيره؟ قالوا: لا.
قال الله في الزخرف: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف:45]، وفي قراءة: (يَعبُدون) والمعنى واحد.
والمقصود: أن النبي صلى الله عليه وسلم روي أنه سأل الأنبياء والرسل هذا السؤال، فانظر إلى عظيم الاحتفاء بدلاً من ذلكم الصدود الذي كان يمثل حزناً في قلبه صلوات الله وسلامه عليه، وكيف انتقل من ارتفاع الطائف إلى السماوات السبع الطباق، ومن صدود أهل الطائف إلى احتفاء الملائكة، ومن صدود قريش إلى دخول المسجد الأقصى، والوصول إلى البيت المعمور.
هذا أعظم ما يمكن أن يستنبط من رحلة الإسراء والمعراج، لكن رحلة الإسراء والمعراج كانت احتفاء عظيماً من الله، فهي زاخرة بالمعاني التي يمكن لأي موفق أن ينهل منها ويستنبط منها ما يعينه في أمر دينه ودنياه.
جاء في التاريخ أن زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه وأرضاه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن الله جل وعلا جعل بدلاً من زيد -على علو شأن زيد في الدين- جعل بدلاً منه جبريل، فكان جبريل صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلته المباركة إلى السماوات السبع العلى.