سنعرج هنا على بعض ما كان ينال الصحابة من عطف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كيف تعرف كيفية التعامل النبوي مع أصحابه صلى الله عليه وسلم، ففي حجة الوداع أردف النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد من عرفة إلى مزدلفة، ففي يوم عرفة كان الناس مجتمعين ينتظرون الإمام وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتقل إلى مزدلفة، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان على بغلته لكنه كأنه ينتظر شيئاً، والناس يلتفتون ميمنة وميسرة ماذا ينتظر رسول الله؟ فإذا بـ أسامة بن زيد يأتي وهو غلام أسمر نحيل جداً، فجاء وفي القوم بنو هاشم، فركب خلف النبي صلى الله عليه وسلم على نفس البغلة، فكان كل الانتظار من أجل أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ذكر الذهبي في السير: أن أسامة رضي الله عنه وأرضاه ذات مرة كاد ينزل مخاطه، فأراد النبي أن يمسحه، فقامت عائشة تسبق النبي صلى الله عليه وسلم، وأسامة من أتراب عائشة فهما بسن واحد، وهذا قبل الحجاب، فقال صلى الله عليه وسلم لها: (يا عائشة! إني أحبه فأحبيه).
وفي صباح يوم العيد -بالنسبة للحجاج لا يوجد عندهم صلاة عيد هذا يكون في مزدلفة- في صبيحة يوم عشر ذي الحجة أراد النبي أن ينتقل من مزدلفة إلى منى فغير صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا يقع في نفوس بني هاشم شيء، فأنزل أسامة فخرج يجري، يمشي متجهاً إلى الجمرة إلى منى، وأردف والفضل بن عباس صلوات الله وسلامه عليه، الفضل بن عباس ابن عمه، وكان وضيئاً جميلاً، وهم في الطريق مر ركب نساء، والفضل باعتبار كونه شاباً أخذ ينظر إلى النساء، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمال بوجهه.
وإذا أردت أن تنجح في الحياة وتنجو مع السنة فانظر بعين القدر وعين الشرع، فالذي ينظر بعين القدر فقط لا يقيم معروفاً ولا ينهى عن منكر، والذي ينظر بعين الشرع ويهمل عين القدر سيتعب كثيراً ولن يؤدي ثمرة، وعلاقة هذا بالحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام يعلم أن الفضل شاب وضيء، وبدهي أن تعلق به النساء، وبدهي أن ينظر إلى النساء، فهو عليه الصلاة والسلام بعين الشرع لوى عنق الفضل ونهاه أن ينظر، وبعين القدر صبر على الفضل ولم ينزله من بغلته ولم يزجره أمام الناس؛ لأنه شاب واكتفى صلى الله عليه وسلم بتأديبه.