وذكر شوقي كذلك في همزيته التي بين يدينا قضايا أخر من أشهرها أنه قال: الذكر آية ربك الكبرى التي فيها لباقي المعجزات غناء وكنا قد أفردنا حديثاً خاصاً عن القرآن العظيم، لكن تبقى قضية وهي: أن القرآن من أعظم الطرائق لأن ينال الإنسان بها مرتبة عليا في الفصاحة، وكثير ممن يتصدر للعلم قد تخونه بعض الألفاظ البلاغية والقدرة البيانية، وهذا كله لقلة تدبره وقراءته للقرآن، فالقرآن تحدى الله به فصاحة البلاغاء، وبلاغة الفصحاء، وهو المعجزة الكبرى التي أوتيها نبينا صلى الله عليه وسلم.
وكان النقاد قديماً يبحثون في قضية: لماذا عجزت العرب عن الإتيان بمثل القرآن؟ وبعضهم يرده إلى مسألة الصرفة، وهو قول إبراهيم النظام من المعتزلة، وهو أن الله صرفهم وإلا فالعرب قادرون، وهذا قول باطل، فبلاغة القرآن لا يمكن أن يرتقي إليها بلاغة أحد من الخلق، قال الله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء:88].
يكون في هذا اللقاء قد تحدثنا عن بيتين لـ شوقي، وهما قوله: والآي تترى والخوارق جمة جبريل رواح بها غداء وقوله: الذكر آية ربك الكبرى التي فيها لباقي المعجزات غناء وفي اللقاء القادم إن شاء الله تعالى سنتحدث عن خصائص النبي صلى الله عليه وسلم الشاملة التي ذكرها شوقي في أبيات متتابعة والتي أولها: زانتك في الخلق العظيم شمائل يغرى بهن ويولع الكرماء نسأل الله جل وعلا أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، وأن يلبسنا وإياكم لباس العافية والتقوى.
هذا ما تهيأ إيراده وأعان الله على قوله، وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.