هذان وقتان يضافان إلى ما تقدم من طلوع الصبح، أو من صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، ومن صلاة العصر حتى تغرب، هذا الوقتان الموسعان، وتلك الأوقات الثلاثة المضيقة، يمكن اختصار الأوقات الخمسة إلى ثلاثة أو لا يمكن؟ يعني من أوتي جوامع الكلم ما قال: إن الأوقات ثلاثة، ولا ساقها مساقاً واحداً فقال: الأوقات خمسة، لماذا؟ نعم؟ للاختلاف في الأحكام، فالأوقات الثلاثة المضيقة ينهى فيها عن أمرين: عن الصلاة وعن دفن الأموات، وفي الوقتين الموسعين النهي عن الصلاة فقط، فأيهما أشد في النهي؟ المضيقة أو الموسعة؟ المضيقة؛ لأنه قد يقول قائل مثلاً: لماذا لا تكون الأوقات ثلاثة من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس يستثنى من ذلك الفريضة وراتبتها، ومن حين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، ومن صلاة العصر حتى تغرب الشمس تكون ثلاثة، قيل: التفريق من أجل أن الأوقات المضيقة أشد في النهي بخلاف الوقتين الموسعين، ولذا ينهى في الأوقات المضيقة عن أمرين، ولا ينهى في الوقتين الموسعين إلا عن شيء واحد، حتى قال بعض أهل العلم: إن النهي عن الصلاة في الوقتين الموسعين إنما هو من أجل ألا يسترسل المصلي فيستمر في صلاته حتى يصلي في الوقت الموسع، الشمس تطلع بين قرني شيطان، فإذا خرجت وبان قرنها سجد لها من يعبدها، وإذا غابت أو تضيفت للغروب سجدوا لها كالمودعين، وأما بالنسبة لمنتصف النهار فإنه وقت تسجر فيه النار، نسأل الله السلامة والعافية.
المقصود أن هذه الثلاث تختلف في الأحكام عن الوقتين الموسعين.
((لا صلاة بعد الصبح)) الصبح يحتمل أن يكون طلوعه يعني طلوع الفجر، ويحتمل أن تكون الصلاة من صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ((ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس)) وهذا مثله، يعني من بعد دخول وقت العصر إلى غروب الشمس احتمال، ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس احتمال، لكن الاحتمال الثاني يؤيده رواية: ((لا صلاة بعد صلاة العصر)) فما قبل صلاة العصر تباح فيه الصلاة ولو أخر الصلاة، لو أذن على أربع إلا ربع وما أقيمت الصلاة إلا خمس له أن يتنفل في هذه الساعة والربع، لكن إذا صلى انتهى الوقت؛ لأن النهي يبدأ من الصلاة.