"وروى هشيم عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر)) رواه ابن ماجه والدارقطني، وإسناده على شرط مسلم، وقد أُعل بالوقف" يعني من كلام ابن عباس.
أولاً: هشيم مدلس وقد عنعن هنا عن شعبة.
وفي الصحيح عدة كالأعمشِ ... وكهشيم بعده وفتشِ
يعني ممن رمي بالتدليس، هشيم مرمي بالتدليس، لكن الحديث له طرق يصل بها إلى درجة الصحيح.
"عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس" فيه تعارض الرفع مع الوقف، لكن الذي رفعه أئمة حفاظ فقولهم مقدم على قول من وقفه، وقد يروى الحديث مرفوعاً، ينشط بعض الرواة فيرفعه، وقد لا ينشط في وقت من الأوقات فيوقفه على الصحابي، ولا يكون ذلك مؤثراً فيه؛ لأنه روي على الوجهين.
على كل حال الحديث صحيح: ((من سمع النداء فلم يأته)) فلا صلاة له إلا من عذر، هذا دليل وحجة من يقول بأن الجماعة شرط لصحة الصلاة عند القدرة على الحضور إليها، الجماعة شرط لصحة الصلاة، وعرفنا أنه قول داود، ويميل إليه، بل يرجحه شيخ الإسلام وابن القيم، يرون أن الذي لا عذر له فلم يصل مع الجماعة فإنه صلاته باطلة، والقول الثاني: أن الجماعة واجبة وليست بشرط، والثالث: أنها واجبة على الكفاية، والرابع: أنها سنة، وعرفنا أن الراجح من هذه الأقوال أنها واجبة على ما تقدم في حديث الهم بالتحريق، وأيضاً حديث ابن أم مكتوم وسيأتي.