((أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر)) منهم من يقول: إن الأمر مصروف للاستحباب بالعلة، العلة يعني من نفس الحديث مصروف، الله وتر يحب الوتر، هذه العلة تدل على استحباب الوتر، يعني لو أكلت مثلاً تمر تقطع على وتر، واحدة، ثلاث، خمس، سبع؛ لأن الله وتر يحب الوتر، وهكذا في جميع الأفعال، لكن إذا تعارضت هذه العلة مع نصوص أخرى، احتجت منديل تنظف ما يحتاج إلى تنظيف فما كفى، احتجت ثاني انتهى، تأخذ ثالث وإلا ما تأخذ؟ أو نقول: إن هذا من باب إضاعة المال؟ في الاستجمار قال: ((أبغني ثالثاً)) ائت بثالث، ولا يجزئ إلا ثلاثة؛ لأن هذا إزالة نجاسة، بقاؤها مؤثر في الصلاة، لكن إزالة مخاط مثلاً، أو ما أشبهه، أو عصرت حبة وإلا بثرة وما انتهت بمنديل واحد طلبت ثاني، تطلب ثالث بعد أن انتهت؟ تقول: إن الله وتر يحب الوتر؟ أو نقول: هذا معارض بنهى عن إضاعة المال؟ يعني ولو كان شيئاً يسير لكنه مال، يعني العلة تدل على الاستحباب: ((فإن الله وتر يحب الوتر)) هذا في عموم الأشياء، الله وتر يحب الوتر، لكن إذا عورضت هذه المحبة بكراهية من الله -جل وعلا-: ((ويكره قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)) أما إذا كان المال له شأن وله وقع فهذا لا شك في منعه، ولا يلزم في ذلك الوتر إذا كان له أثر، أما إذا لم يكن له أثر مثل المنديل وما أشبهه فالمتجه عندي أنه لا يستحب الوتر في مثل هذا، بل يبقى كما هو ليستفاد منه في أمر آخر؛ لأنه مال مهما قل، لكن من قال: إن الله وتر يحب الوتر والاستجمار ثلاث، وما أشبه ذلك يمكن أن يوجه، فالعلة بمحبة الوتر من قبله -جل وعلا- تدل على أن الوتر مستحب، وليس بواجب وإن جاء بصيغة الأمر.
"رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه، والترمذي وقال: حديث حسن غريب" يستروح بعض طلاب العلم، بل بعضهم وضع دراسة على جامع الترمذي فيما قال فيه: حديث حسن غريب، وأنه بمثابة ضعيف، وأن كل ما يقول فيه: حديث حسن غريب أنه ضعيف، ولكن كل حديث يقوى بشواهده يعني بطريقه هذا يمكن أن يقال: ضعيف، لكن مع ذلك بشواهده يصل إلى درجة الحسن.