الآن في كلام حول تأخير صلاة العشاء ليطول المغرب، وتقضى فيه الحوائج كلها، وبعد العشاء يكون النوم، وهذا موافق حقيقة لنصوص كثيرة، منها: كان يستحب أن يؤخر العشاء، ومنها: كان يكره الحديث بعدها، فإذا قضيت الأعمال كلها بين العشاءين طبقت هذه السنن، لكن على ألا يكون ذلك على سبيل الإلزام؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما ألزم أحداً بذلك، والنظر في هذه المسألة على أن يكون إلزام للناس، ولا يمكن ضبط الناس في مثل هذه الأمور إلا بالإلزام، يعني كون الوقت يفتح لمدة ثلاث ساعات أو أربع ساعات، يعني من مغيب الشفق يؤذن من يؤذن، ثم بعد ذلك ينتظر من أراد تأخير الصلاة إلى ساعتين أو ثلاث كما يدرس أو يطرح، لا شك أن مثل هذا يكون فيه شيء من الفوضوية، فإذا سئل هذا فاتح المحل يقول: أنا والله صليت مع اللي أذنوا أول الوقت، وإذا سئل من فتح محله في أول الوقت يقول: أنا أريد التأخير لأصلي ثم أنام وهكذا، ثم بعد ذلك لا يمكن ضبط الأمور، فإما أن يؤطر الناس على أول الوقت كما هو الآن، أو تؤخر الصلاة بالنسبة للجميع كما يطرح ويدرس، وفي هذا ما فيه؛ لأن كثير من الناس عنده أعمال في النهار كما كان الصحابة -رضوان الله عليهم-، وانتظارهم إلى الوقت الذي تؤخر فيه الصلاة فيه مشقة عليهم، وعلى كل حال مثل هذا الاقتراح له وعليه، فيه إصابة استحباب تأخير صلاة العشاء، وفيه أيضاً القضاء على السهر؛ لأن الناس يقضون حوائجهم بعد صلاة المغرب؛ لأنه يطول ثلاث ساعات أو أكثر، فالمسألة تحتاج إلى دراسة مستفيضة وواعية، وينظر فيها إلى المحاسن والمآخذ.
"وكان يستحب أن يؤخر العشاء" لكن لو اجتمع مجموعة من الناس في سفر أو في نزهة أو ما أشبه ذلك واتفقوا على أنهم يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل، أو ما يقرب من نصفه كان أفضل.
"التي تدعونها العتمة" هذا كلام الصحابي -رضي الله عنه-، ويريد أن يبرأ من عهدة هذه التسمية، إذا أراد الإنسان أن يبرأ من شيء نسبه إلى غيره، كما يقول الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل الذي يقال له ابن علية؛ لأنه يكره أن ينسب إلى أمه، فإذا أراد أن يبرأ من شيء نسبه إلى غيره، قال: "التي تدعونها العتمة".