وأيضاً إيراد أحاديث السترة يدل على أن المصنف يختار أن السترة سنة وليست بواجبة، وهذا أيضاً قول عامة أهل العلم، وجاء الأمر بها: ((ليستتر أحدكم ولو بسهم)) تمسك به من قال بالوجوب، وبقية الأحاديث تدل على أن هذا الأمر مصروف عن الوجوب إلى الاستحباب، منها: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى غير جدار، كما في حديث ابن عباس، ويقول: يعني إلى غير سترة، وأيضاً: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره، فأراد أحدهم أن يجتاز)) إذا صلى يدل على أن السترة ليست بواجبة؛ لأن السياق قوله: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه)) قد يقول قائل: إن الاستدلال بهذا الحديث في صرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب استدلال بالدلالة الفرعية لا الدلالة الأصلية؛ لأن الحديث ما سيق لبيان حكم السترة، وإنما لبيان الأمر بالدفع، يعني النصوص فيها دلالات أصلية سيق النص من أجلها، وهناك دلالات فرعية لم يسق النص من أجلها، يعني في هذا الحديث هل يبين النبي -عليه الصلاة والسلام- حكم السترة؟ ويقول: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستر)) مثل حديث: ((إذا دخلت العشر فأراد أحدكم أن يضحي)) الجمهور يقولون: إن الأضحية سنة بدليل هذا الحديث، فالحديث رد التضحية إلى إرادة المضحي، وهذا لا يدل على وجوبها، لكن هل الحديث سيق لبيان حكم الأضحية أو لبيان المنع من الأخذ من الشعر والبشر في العشر حتى يضحي؟ هذه دلالته الأصلية، أما تلك فدلالته الفرعية، والدلالة الأصلية والفرعية الأصلية هي محل النظر الأول، وبها يستدل أو يستنبط الحكم من الحديث، وأما الدلالة الفرعية فلا شك أن لها حظ من النظر، الشاطبي يقول: "إذا لم يسغ الحديث من أجلها فلا يستدل بها" وأهل العلم يستنبطون من الحديث الواحد المسائل الكثيرة، منها ما يدل الحديث عليه صراحة، ومنها ما يفهم من الحديث، ومنها ما يشم من الحديث يعني من بعد، وكل هذا يستدل به أهل العلم، لكن الدلالة الأصلية هي الأصل، والفرع أيضاً مرعية إذا لم تكن معارضة بما هو أقوى منها، إذا لم تكن معارضة بما هو أقوى منها، يعني لا ترد مطلقاً ولا تقبل مطلقاً، يعني من الدلالات الفرعية يعني قول جابر في حجة النبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015