وقد يقول قائل -وهذه المسألة من المضايق، من مضايق الأنظار- قد يقول قائل: أنا لماذا أحب الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- أرسله الله -جل وعلا- رحمة للعالمين، وبواسطته يعني بما نزل من الله -جل وعلا- على عباده بواسطته لأن الواسطة مقبولة فيما نزل لا فيما صعد، نفرق بين هذا وهذا، يعني الرسول -عليه الصلاة والسلام- واسطة بيننا وبين الله -جل وعلا- فيما نزل منه لا فيما يصعد منا إلى الله -جل وعلا-، فليس بيننا وبينه واسطة، ظاهر وإلا مو بظاهر؟ نعم، كونه واسطة والخير إنما أتانا عن طريقه -عليه الصلاة والسلام- يجعلنا نحبه هذه المحبة، فلماذا أحببناه في حقيقة الأمر؟ حينما يقول: ((حتى من نفسك)) ((حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) يعني حتى من النفس كما في حديث عمر، قد يقول قائل: أنا ما أحببت الرسول إلا من أجل نفسي؛ لأنه دلني على الطريق الصحيح فنجوت بسببه، أحببته، فتعود المسألة إلى أنني إنما أحببت الرسول -عليه الصلاة والسلام- من أجلي، لا من أجله هو، صحيح وإلا ما هو بصحيح؟ وبهذه الحالة يكون الإنسان أحب النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر من نفسه، يعني هل الإنسان مطالب بالمحبة الجبلية أو بالمحبة الشرعية التي يترتب عليها آثارها؟ بالمحبة الشرعية، ويوضحها ويحققها الاختلاف بين مرادك ومراد الرسول -عليه الصلاة والسلام-، إن قدمت مرادك على مراد الرسول -عليه الصلاة والسلام- فأنت تحب نفسك أكثر من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإذا قدمت مراده على مرادك فأنت تحب الرسول -عليه الصلاة والسلام- أكثر من نفسك؛ لأن المحبة محلها القلب، إنما تظهر بظهور آثارها.