ثم يقول أبو هريرة: وقرؤوا إن شئتم: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [(30) سورة الروم] لا تبديل هذا خبر يراد منه الأمر، لا تبدلوا خلق الله، ولذا من وظائف الشيطان {وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} [(119) سورة النساء] فهذه وظيفة الشيطان وأتباع الشيطان، فعلى الإنسان أن يحرص على نفسه، ثم على ولده ومن ولاه أمره من أبناء وبنات وزوجات وأقارب وجيران، ثم بعد ذلك ينتشر نفعه، وإذا بذل الإنسان النفع لنفسه أولاً أُعين على نفع ولده، وإذا أُعين على نفع ولده، وأثمرت جهوده أُعين على نفع الآخرين، وهذا بالتجربة ثابت، لكن قد يقول قائل: إن الإنسان وهو مؤيد بوحي يبذل الأسباب لنفع أقرب الناس إليه ولا يستطيع، نقول: صحيح، نوح ما استطاع أن يدخل ولده في دينه، وامرأة نوح وامرأة لوط مثلاً للكفار، وبالمقابل امرأة فرعون مثلاً للمؤمنين، فالإنسان لا يستطيع أن يصل إلى النتائج، وإنما عليه أن يبذل الأسباب، والنتائج بيد الله -جل وعلا- {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [(56) سورة القصص] ولا يظن سوء بمن بذل ما يستطيعه في نصح ولده وأهل بيته ثم لم ينجح؛ لأنه يشاهد بعض أولاد العلماء عندهم مخالفات كبيرة، وبعض أولاد العامة فيهم استقامة، هل نقول: إن هذا بذل وهذا ما بذل؟ النتائج بيد الله -جل وعلا-، ويحدثني شخص أنه يقول: والله ما علمت -عنده ولدين- أن أولادي حفظوا القرآن إلا بعد أن دُعيت للحفل، حفل التكريم، ما عرف أنهم حفظوا القرآن، ولا يحفظوا القرآن ما يدري، مشغول عنهم، هذا من توفيق الله -جل وعلا- للأولاد، أما الذي ما بذل كيف يؤجر؟ إنما الذي يلبس حلة الكرامة لمن سعى في ذلك، وحمل أولاده على هذا، ويوجد من أولاد العلماء من عندهم من المخالفات وعندهم والقلوب بيد الله -جل وعلا-، ولو حرص الإنسان أشد الحرص كما حرص النبي -عليه الصلاة والسلام- على هداية عمه، وفي النهاية قال عمه: هو على ملة عبد المطلب، وفيه نزل قول الله -جل وعلا-: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [(56) سورة القصص].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015