((فو الذي لا إله غيره)) يقسم النبي -عليه الصلاة والسلام- بالذي لا إله غيره وهو الله -جل وعلا-، ((فو الذي لا إله غيره)) وما طلب منه القسم، فيجوز الحلف من غير استحلاف، لا سيما في الأمور المهمة، كثيراً ما يقول: ((والذي نفسي بيده)) كما تقدم، وهنا يقول: ((فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة)) أعمال أهل الجنة من الصلاة والزكاة والصيام والحج والبر والصلة والذكر والتلاوة والجهاد وغيرها من أعمال أهل الجنة، ويجتنب مع ذلك المحرمات، فلا يعرف بشيء منها ((فو الله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل)) تأكيد بالقسم، و (إن) واللام ((ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعاً)) يعني هذا تمثيل وإلا المقصود به الزمن اليسير من مدة حياته التي إذا فارقها دخل الجنة بسبب عمله، وإن كانت الجنة لا تنال بالعمل، وإنما العمل سبب ((إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعاً فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار)) نسأل الله السلامة والعافية، نسأل الله حسن الخاتمة ((فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) والعبرة بالخواتيم، وبالمقابل: ((وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعاً)) كسابقه يعمل بالجرائم، بالمنكرات، يترك الوجبات، يرتكب الموبقات، حتى ما يكون بينه وبين النار بوفاته إلا ذراع، زمن يسير يمكنه أن يتوب فيه إلى الله -جل وعلا-، فيسبق عليه الكتاب الذي كتب عليه، وهو في بطن أمه، يسبق عليه الكتاب الذي كتب عليه في بطن أمه، أو في اللوح المحفوظ ((فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)) يتوب، والتوبة تجب ما قبلها، وتهدم ما كان قبلها ((إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب)) الذي كتب عليه وهو في بطن أمه ((فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها)) يدخلها مؤقتاً أو مخلداً؟ على حسب ما يعمل في آخر حياته، إن عمل بعمل أهل النار مما يقتضي الدخول دون الخلود حصل له ذلك، وهو في ذلك تحت المشيئة، وإن عمل من عمل أهل النار ما يقتضي الخلود خلد فيها كالكفار -نسأل الله السلامة والعافية-، يعني شخص يتعبد سبعين ثمانين سنة، وفي آخر لحظة يرتد