جاء في روايات أخرى: ((وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر)) إذا عاهد يعاهد الإنسان على أمر من الأمور بأن .. ، يقول له: تخبرني بكذا، أو تعطيني كذا ولك عليَّ العهد أن لا أخبر عن كذا، يعني مما يضره، ولا يكون على حساب غيره، أو أن لا أتعرض لك بسوء، أو أرد عنك من أراد أن يعتدي عليك، ثم بعد ذلك يغدر به هو، بدلاً من أن يقيه شر غيره يغدر به هو، المقصود أن هذه من علامات المنافقين.
((وإذا خاصم فجر)) خاصم سواء كان لنفسه أو لغيره كالمحامي مثلاً حصلت له خصومة، وصار طرفاً فيها أجلب عليها بكل ما أوتي من بيان مع علمه بأن الحق لغيره لا له ولا لموكله، هذا فجور في الخصومة، وعلى هذا على المرء أن يتقي الله -جل وعلا- في الخصومة؛ لئلا يشبه المنافقين، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إنما أنا بشر أقضي على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، أو من حق أخيه شيئاً فإنما أقضي له قطعة من نار، فليأكلها أو ليدعها)) تحذير وتنفير، والوضوح في الخصومة أمر لا بد منه بأن يكشف الإنسان ما عنده على حقيقته، لا يلبس على القاضي، ولا يصادر ما عند الخصم من إجابة؛ لأن بعض الناس عنده أسلوب يصير يدرس المحاماة من أجل إبطال الحقوق، أما من يدرسها من أجل إقامة الحقوق، والدفاع عن أهلها هذا مأجور -إن شاء الله تعالى-، وقل مثل هذا ممن يتولى المحاماة إذا كان قصده نصر المظلوم، واستخراج الحقوق لأهلها مأجور، لكن إذا كان قصده الكسب المادي بغض النظر عن كون الحق لصاحبه أو لا هذا يدخل في الحديث: ((إذا خاصم فجر)).