((وإذا أؤتمن خان)) يأتمنه الناس على أموالهم وعلى أسرارهم، ثم بعد ذلك يجحد الأموال، ويبوح بالأسرار، هذه علامة من علامات النفاق -نسأل الله السلامة والعافية-، والوفاء موجود في الناس، والخيانة أيضاً موجودة من بعض الناس، في هذه الأمة، وفيما تقدمها من الأمم، فالذي يجحد وينكر الأمانة خيانة هذه، والذي يؤتمن على عمل من أعمال المسلمين ويفرط فيه خائن، والذي يلقن جاره أو صاحبه الجواب في الامتحان خائن، والمدرس الذي لا يؤدي الأمانة ما وكل إليه خائن، القاضي كذلك، المفتي كذلك الذي .. ، كل عليه كفله ونصيبه من هذا، فلا بد من أن تؤدى الأمانة، والأمانة شأنها عظيم {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [(72) سورة الأحزاب] ((فأدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] وفي الحديث: ((أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) لهذا يمنع جمع من أهل العلم أن يكون لك دين على أحد ثم تظفر بشيء له يعادل هذا الدين فتجحده، أو تأخذه من غير علمه، لك عند أحد زملائك مائة ريال، ولا بينة لك، أعارك كتاباً قيمته مائة، ثم لما جاء يطلبه قلت له: أبداً ما عندي لك شيء، لا شيء لك عندي، هذه يسميها أهل العلم مسألة الظفر، يجيزها بعضهم إذا كانت بقدر ما عنده له، ويستدلون بحديث: ((خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف)) يعني ولو من غير علمه؛ لأنه رجل شحيح، والذي لا يجيزها يذهب إلى حديث: ((أدِ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك)) ومن أهل العلم من يفصل، يقول: ما كان بين الأقارب مما لا يمكن فيه إقامة الدعاوى كالنفقات وشبهها مثل هذا يؤخذ ولو من غير علمه، وما يمكن فيه إقامة الدعاوى لا يؤخذ.