وفي هذا الحديث تعظيم حقوق المسلمين وحرماتهم وأعراضهم ودمائهم، فحفظ الضروريات جاءت بها الشرائع، ومنها الأعراض الذي يتعرض لها المسبوب، منها: القتال وهو أعظم، ولذا رتب عليه من الحكم ما هو أعظم، فإذا كان مجرد السباب فسوق فالقتال كفر -نسأل الله السلامة والعافية-، وأبو ذر -رضي الله تعالى عنه- الصحابي الجليل لما عير رجلاً بأمه قال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إنك امرؤ فيك جاهلية)) يعني فيه خصلة من خصال الجاهلية، فالتعيير بالآباء أو الأمهات هذا من خصال الجاهلية، ولذا قيل: ((فيك جاهلية)) لكن أبو ذر ليس بجاهلي، يعني قد يكون في الإنسان خصلة من خصال يكون فيه جاهلية، يكون فيه نفاق، يكون فيه شرك، يكون فيه وصف مذموم، لكنه لا يوصف بالوصف الكامل، ما يقال: أبو ذر جاهلي، كما قرر ابن رجب -رحمه الله تعالى- في أهل الكتاب أنهم فيهم شرك، لكنهم ليسوا بمشركين، ابن رجب قرر هذا، ولذا عطفوا على المشركين: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} [(6) سورة البينة] يعني عُطف المشركون عليهم، دليل على أنهم غير مشركين، وإن كان فيهم شرك، ووقوع الشرك فيهم قديم، ووقت النزول أو التنزيل فيهم هذا الشرك، وجاء في التنزيل ما يدل على أنهم أشركوا وأنهم جعلوا لله نداً {قَالُواْ إِنَّ اللهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} [(73) سورة المائدة] قالوا: {الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ} [(30) سورة التوبة] وقالوا: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ} [(30) سورة التوبة] كفروا وأشركوا، ومع ذلك جاء من الأحكام لهم ما يخصهم من بين سائر الطوائف؛ لأنهم ليسوا بمشركين، وان كان فيهم شرك، ولذا تحل نساؤهم، مع أنه لا يحل للمسلم أن ينكح مشركة، لكن يحل له أن ينكح كتابية؛ لأن فيها شرك وليست بمشركة على قول ابن رجب -رحمه الله تعالى-، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد:
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: