((ألا وإن حمى الله محارمه)) (ألا) أداة تنبيه تجعل السامع ينتبه لما بعدها ((ألا وإن في الجسد مضغة)) في الجسد في جسد ابن آدم مضغة، يعني: بقدر ما يمضغه الإنسان ((في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله)) إذا صلحت هذه المضغة صلح الجسد كله ((وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)) فالجسد بجميع أجزائه مملكة، القلب هذا هو الملك، والجوارح أعوان له، الجوارح والحواس كلها أعوان فيما يصدر منه وفيما يرد إليه وسائط، إذا صلحت هذه المضغة صلح الجسد كله، وإذا فسدت بالعكس، والعكس بالعكس، فالمعول على هذه المضغة وهي القلب، فعلى المسلم أن يسعى لصلاحها، وشفاؤها بتدبر القرآن، وفهم ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- والعمل به، هذه المضغة المحسوسة القلب مثار إشكال كبير عند أهل العلم من الشرعيين والأطباء وغيرهم، يعني خطاب الشرع في جملته يتجه إلى القلب، والعقل عند أهل العلم هو مناط التكليف، وجاء الاقتران بين العقل والقلب في بعض الآيات، فهل المراد فيما وجه إليه الخطاب الشرعي القلب القطعة المعروفة في بدن الإنسان التي تضخ الدم أو هي غيرها؟ الأطباء يجعلون المعول على العقل الذي محله الدماغ، وأما القلب فكغيره كالرئة مثلاً، كغيره بدليل أنه يغير قلب إنسان يزرع له قلب ولا يتأثر عندهم، لكن ماذا نصنع بخطاب الشرع الذي في جملته موجه إلى القلب مثل هذا الحديث؟ وقوله: ((إلا وإن في الجسد مضغة)) لدلالة على أن هذا أمر حسي لا معنوي ((إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله إلا وهي القلب)) ولذا عامة أهل العلم أو أكثرهم على أن العقل محله القلب، الأطباء يقولون: يزرع قلب جديد والعقل هو هو ما تغير، وقد يوجد قلب سليم من الناحية الطبية مائة بالمائة في جسد مجنون، لا عقل له، فدل عندهم على أنه لا ارتباط بين العقل والقلب، يقولون: العقل محله الدماغ، وقد يختل العقل والقلب سليم، والعكس، وتمشياً مع النصوص التي كلها تخاطب القلب يقول أهل العلم: إن العقل محله القلب، الإمام أحمد له رأي في المسألة وهو: أن العقل محله القلب وله اتصال بالدماغ، بمعنى أنه يكون -على جهة التمثيل- مثل الكهرباء فيه السالب والموجب أحدهما لا يعمل بغير