((إن الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات)) بعض الروايات: ((مشبهات)) بعض الروايات: ((متشابهات)) وهنا يقول: ((مشتبهات)) يعني: ملتبسات ((لا يعلمهن كثير من الناس)) يلتبس الأمر فيهن على كثير من الناس، كون الأمر يلتبس على العامة هذا هو الأصل؛ لأنهم لا علم لهم بالحلال والحرام إلا ما علم من الدين بالضرورة، لكن كون الأمر يشتبه ويلتبس على طلاب العلم أو بعض أهل العلم، والاشتباه أمر نسبي قد يكون هذا مشتبه وملتبس على زيد من الناس ولا يلتبس على عمرو، يلتبس على هذا العالم، ويظهر الحكم لآخر، يلتبس فهم الخبر على هذا العالم ويتجلى لغيره، فهذه الأمور نسبية، وعلى كل حال إذا كان الشخص من أهل النظر فالمشتبهات بالنسبة له، هذه الأمور المشتبه منهم من يقول: هي المكروهات، فهذه المكروهات تتقى خشية أن تكون من المحرمات في حقيقة الأمر، وإن لاح للمجتهد أنها لا تصل إلى التحريم فهذه شبهة، برزخ بين الحلال والحرام، ومنهم من يقول: المشتبهات ما يختلف فيه بين العلماء من غير ترجيح، فيخشى أن يكون القول الراجح مع من حرم، ومنها أقوال كثيرة لأهل العلم لكن الخلاصة: أن على المسلم أن لا يقرب المحرمات الواضح تحريمها، البين تحريمها، وعليه أن يتقي الشبهات استبراءاً لدينه وعرضه؛ لئلا يقع في المحرمات، ومن ورع السلف -رحمهم الله- أنهم يتركون الحلال الذي يخشى منه أن يجر إلى الحرام، فالاستمرار والإكثار من مزاولة المباحات وتعويد النفس عليها لا شك أنه يجر إلى المكروهات، ويجر إلى الشبهات، متى وصل بنو إسرائيل إلى الجريمة العظمى قتل الأنبياء؟ {ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} [(112) سورة آل عمران] تبدأ الأمور بالشيء السهل، ثم يتطور يتجاوزه إلى ما عداه؛ لأن عقوبات المعاصي معاصي أكبر منها، السيئة تقول: أختي أختي، فإذا عمل هذه المعصية جرته هذه المعصية عقوبة له إلى المعصية التي تليها {ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} [(112) سورة آل عمران] إلى أن وصل الأمر إلى قتل الأنبياء، ووصل الأمر بغيرهم إلى قتل الذين يأمرون الناس بالقسط، وهو مقرون بقتل الأنبياء -نسأل الله السلامة والعافية-، تجد هذا يبدأ بمعصية