الصوم إنما شرع للتقوى، لتحقيق التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(183) سورة البقرة] يصوم كثير من المسلمين بما في ذلك بعض طلاب العلم ولا يورث هذا الصيام شيئاً، بحيث إذا انتهى رمضان، أو أفطر من صوم النفل عاد يزاول ما كان يزاوله في شعبان، لماذا؟ لأنه لم يؤدَ على الوجه المطلوب.
وأيضاً الغفلة عن الأحاديث التي تعالج أمراض القلوب، والعناية بالحديث ظاهرة ولله الحمد، لكن يبقى أن كثيراً من أبواب الدين مهجورة، على طالب العلم أن يُعنى بالفقه بالدين، والدين يشمل جميع أبواب الدين، ليس معنى هذا في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)) .. فهل معنى هذا أنه يعرف الأحكام العملية ويغفل عن غيرها؟ الفقه العلم بالله، وما يجب لله من .. ، هذا هو الفقه الأكبر عند أهل العلم، ثم بعد ذلك بقية أبواب الدين، ولذا لما جاء جبريل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان قال: ((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)) فهذه الأمور مجتمعة هي الدين، والعلم بها هو الفقه في الدين، وما وجد هذا الخلل إلا بإهمال بعض أبواب الدين، ومن أعظم الأبواب أبواب الرقاق، وتعريف الإنسان بحقيقة هذه الدنيا ليزهد فيها ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)) كان الراوي ابن عمر يقول: "إذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح" الذي يتصور الدنيا على حقيقتها لا شك أنه سوف يتجافى عنها، ويعمل لآخرته محققاً ما خلق من أجله.
والكتاب هنا كتاب الجامع مصدر كتب يكتب كتاباً وكتابة وكتباً، وأصل المادة تدور على الجمع، تكتب بني فلان إذا اجتمعوا، وجماعة الخيل كتيبة، والمراد به هنا اسم المفعول المكتوب الجامع لما تحته من أبواب من الآداب والزهد والرقاق وغيرها.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد:
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: