"رواه الحافظ أبو نعيم في المستخرج على مسلم" قد يقول قائل: وش معنى الاستخراج وهذا ذكر شيء لم يذكره مسلم؟ بل ذكره مسلم خلافه "رواه الحافظ أبو نعيم في المستخرج على مسلم ثم قال: رواه مسلم ولم يروه بهذا اللفظ" روى الحديث حديث أنس رواه لكن لم يرويه بهذا اللفظ، فعدول مسلم عن هذا اللفظ لا شك أنه يعل به هذا اللفظ، إذ لو كان ثابتاً لأخرجه مسلم في صحيحه، وهذه طريقة معروفة عند أهل العلم التعليل بإعراض الشيخين عن إخراج لفظة أو جملة من حديث أخرجا بقيته وأخرجا أصله، قد يقول قائل: إن هذه الزيادة في هذه الرواية خفيت على من روى الرواية الأولى، نعم نقول: خفيت على من روى الرواية الأولى لو أعرض عنها بالكلية، لكنه أشار إلى خلافها، فكيف تكون خفيت عليه؟! وإنما لفظه: "وكان إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما" هذا خلاف ما في هذه الرواية رواه مسلم ولم يروه بهذا اللفظ، نعم روى حديث أنس لكن هذا اللفظ الذي خرجه أبو نعيم في المستخرج هذا لا شك أنه لا يوجد عند الإمام مسلم، وهذه الرواية هي معول من يقول بجواز جمع التقديم، وعرفنا أنه هو المعروف عند المالكية والشافعية والحنابلة كجمع التأخير، وإن كان عند المالكية والحنابلة رواية توافق قول الأوزاعي بعدم جواز جمع التقديم, ولا شك أن الأرفق -والجمع إنما شُرع رفقاً بمن أجيز له الجمع- أن الأرفق به أن يفعل أو يصنع ما يناسبه من الجمع سواء كان تقدمياً أو تأخيراً، وممن نظر إلى العلة مع هذه الرواية أثبت جمع التقديم، ومن قال: نقتصر على ما في الصحيح، وما ثبت في الصحيح نقتصر عليه، وما خرج عنه لا سيما إذا وجد معارضاً لما في الصحيح فإننا نقدم ما في الصحيح، فلم يثبت إلا جمع التأخير، وقد عرفتم من قال به، والجمهور على جواز الجمع تقديماً وتأخيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015