الشافعي أحياناً يقول: إن صح الحديث فهو مذهبي، فيه شيء من التردد تبعاً لتردده في مستند هذا الحكم، وهل يمكن أن نقول: إن مثل هذا التردد الذي يحمل على ارتكاب المفضول عند بعض أهل العلم، يعني قد يقول: أنا أتم الصلاة، لماذا تتم الصلاة والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما حفظ عنه أنه أتم؟ قال: يا أخي ما أنا جازم أن هذه المسافة مسافة قصر، يعني مسافة القصر مختلف فيها، كوني صلاتي إذا صليت أربع عامة أهل العلم يبطلونها وإلا يصححونها؟ يصححونها، نعم قد أكون آثم عند الحنفية، لكن صلاتي صحيحة حتى عند الحنفية، لكن إذا صليت ركعتين يوجد من يبطل صلاتي وإلا ما يوجد؟ يوجد من يبطل صلاتي، إذاً أتم الصلاة.

ولذا تجدون بعض من ارتكب شيء من الجرأة والشجاعة والفتوى بقول حازم عازم تبعاً لإطلاق النصوص ترتب من الأثر على فتواه ما ضيع بسببه بعض العبادات، يذهب إلى بلد من البلدان يدرس أربع سنوات خمس سنوات ولا يزال يقصر ويجمع ويفطر في رمضان بناءً على أن النصوص مطلقة، يعني هل هي مطلقة إلى هذا الحد؟ لا يمكن، وترك تقييد النصوص إلى أفهام الناس المختلفة الذي بعضهم لديه أهلية، وبعضهم لا أهليه لديه، هل يمكن أن يترك مثل هذا الأمر إلى أفهام عموم الناس؟ وهذا ما جعل بعض أهل التحقيق من أهل الحديث أن يقول بقول الجمهور في تحديد المسافة والمدة وإن كان مستنده الشرعي ليس بقوي على ما سيأتي، لكن احتياطاً للعبادات، وخروجاً من عهدة الواجب بيقين، ولو ترك الأمر لأفهام الناس وتقييد الناس لضاعت العبادات، وقد حصل.

وقد كان الشيخ ابن باز كما نص على ذلك في فتاويه يفتي بقول شيخ الإسلام بإطلاق النصوص، وأنه ما دام مسافراً له أن يجمع، وله أن يقصر، وله أن يفطر، ويمسح ثلاثة أيام؛ لأن النصوص مطلقة، فما الداعي لتقييدها؟ يقول: ثم رأيت بعض التلاعب من بعض المسلمين إذا سافروا سنين طويلة رأيت أن الاحتياط للعبادة أن يعمل بقول الجمهور ولو لم يكن في أدلته ما يلزم المسلم بالتقييد، وهذا الكلام سيأتي -إن شاء الله تعالى-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015