آداب الطالب والشيخ هذه من أهم ما يعنى بها طالب العلم؛ لأن العلم بلا أدب أولاً: صاحبه لا يستفيد منه وغيره لا يستفيد منه أيضاً {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} [(159) سورة آل عمران] نعم هذا يخاطب به الشخص نفسه، لكن يخاطب به غيره أيضاً أنه إذا كان عنده علم أنه يؤخذ عنه العلم ولو كان عنده شيء من الجفاء، ولذا يوصون الطالب بأن يصبر على جفاء شيخه، ويوصون الشيخ بأن يصبر على الطالب، يوصون الطالب بأن يكون حسن الخلق، ويوصون الشيخ بأن يكون حسن الخلق؛ لأن الكلام يوجه إلى فئتين، طيب ما تسير شيخ حسن الخلق تترك؟ ما تترك، بل تأخذ عنه وتصبر على جفائه، فكل له من الخطاب ما يخصه، فأولاً: على الجميع أن يصحح النية، يعني فيما يذكر في آداب الطالب والشيخ المحدث أن يصححا النية، وأن ينويا بذلك وجه الله -جل وعلا- والدار الآخرة، ولا يشركان في هذه النية؛ لأن المسألة ليست بالسهلة، العلم الشرعي من أمور الآخرة المحضة التي لا تقبل تشريك، وحديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار معروف، منهم من علِم وعلّم فيجيب بأنه تعلم وعلّم وسنين طويلة خمسين ستين سنة فيقال: لا تعلمت ليقال: عالم، وعلمت ليقال: معلم، فهذا أحد الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، فليحرص طالب على تصحيح النية، أيضاً يحرص على الآداب الأخرى، ويجتنب الآفات: آفات الحواس، وآفات القلب، ومما ينبغي أن يهتم به التقوى؛ لأنها خير معين على التحصيل {وَاتَّقُواْ اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ} [(282) سورة البقرة] يحذر كل الحذر من الكذب {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر] والكذب على الله وعلى رسوله من أعظم الأمور ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)) هذا تقدم الحديث فيه، الكذب على الله أمر خطير، وتقدمت الإشارة إليه، أيضاً يحذر من الإعجاب بنفسه؛ لأنه إذا أُعجب بنفسه احتقر الآخرين، بل عليه أن يتواضع ويعرف قدر نفسه.
والعجب فحذره إن العجب متجرفٌ ... أعمال صاحبه في سيله العرمِ