هذا يحتاج إلى بحث، قد يقول قائل: لماذا ذكره البخاري بصيغة التمريض؟ إذاً ضعيف؛ لأن التمريض تضعيف، وقد ضعفه البخاري بالصيغة، نقول: لا يا أخي مما ذكره بصيغة التمريض ما وصله في صحيحه، ومما ذكره بصيغة التمريض ما خرجه مسلم في صحيحه فهذا صحيح لا إشكال فيه، ومما ذكره بصيغة التمريض ما هو صحيح على شرط غير الشيخين، ومنه الحسن، وفيه الضعيف، لكن الذي ضعفه بيّن يبينه الإمام البخاري: "ويُذكر عن أبي هريرة رفعه: ((لا يتطوع الإمام في مكانه)) ولم يصح" ينبه عليه إن كان ضعفه ظاهر.
وعلى كل حال وجود الخبر ولو كان بصيغة التمريض في مثل هذا الكتاب الذي تلقته الأمة بالقبول يشعر بأن له أصل، بأن له أصلاً يؤنس به، ويركن إليه، كما قال ابن الصلاح وغيره، لكن ما فيه ضعف يبينه البخاري -رحمه الله تعالى-.
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . ففيه فتش واختبر
ابحث، ابحث عن سند لهذا الخبر، وادرس هذا الإسناد، واحكم عليه بما يليق به من صحة أو حسن أو ضعف، وقد تولى الحافظ ابن حجر وصل جميع معلقات البخاري في ثلاثة كتب، أولاً: الفتح وصل جميع ما مر به من هذه المعلقات، وأيضاً كتاب: (تغليق التعليق) كتاب خاص بالمعلقات، واختصر التغليق بكتاب سماه: (التشويق)، وله أيضاً مختصر ثالث.
. . . . . . . . . ... . . . . . . . . . ففيه فتش واختبر
ومثله ما جاء بكتب جامعة ... لذي قبولٍ ولمردودٍ معه
يعني التفتيش والبحث والدراسة كما تكون لمعلقات البخاري بصيغة التمريض تكون أيضاً لبقية الكتب التي تجمع بين الصحيح وغيره، نعم، إذا وجدت حديث في سنن أبي داود مما لم يخرجه البخاري ولا مسلم فتش في رجاله، وابحث في سنده، واحكم عليه بما يليق به، مستنيراً بأحكام الأئمة.
ومثله ما جاء بكتب جامعة ... لذي قبولٍ ولمردودٍ معه
يعني تجمع بين المقبول والمردود هذه لا بد أن تدرس أسانيدها، يفتش عن أسانيدها وتدرس، ويحكم على كل حديث بما يليق به، هذا على القول الصحيح في أن التصحيح والتضعيف لم ينقطع، أما على قول بأن التصحيح والتضعيف انقطع لا يكون هذا للمتأخرين، لكنه قول ضعيف، نعم.