الأمر الأصل فيه الوجوب، ومن أوضح الأدلة على هذا قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [(63) سورة النور] دل على أن مخالفة الأمر تعريض للعقوبة، ولا عقوبة إلا على ترك واجب، ومن الأدلة على ذلك حديث: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)) وفي حديث آخر: ((عند كل وضوء)) فأمر الاستحباب ثابت، إذاً المنفي أمر الوجوب، إذا تقرر هذا وأن الأمر للوجوب فقد يرد الأمر ثم يرد مخالفة لهذا الأمر، مما يدل على جواز الترك.

كالأمر إن عورض بالجواز في ... تركٍ لمأمورٍ إلى الندب اصرفِ

وكثيراً ما تقرؤون في الكتب الأوامر الصريحة من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم ترون قول الجمهور أن هذا الأمر للاستحباب، هذا أمر استحباب لا بد من وجود صارف، وإلا فالأصل الأمر للوجوب، قد يبحث طالب علم ليجد صارف فيعجز عن وجود صارف، ثم ينظر في المسألة وإذا بالأئمة الأربعة وأتباعهم يقولون بالاستحباب، ثم لا تجد من يقول بالوجوب مثلاً إلا أهل الظاهر، يعني هل نقول: إن الأئمة وجدوا صارف ونتهم أنفسنا بالتقصير في البحث عنه، أو نقول: الأصل في الأمور الوجوب ولا علينا من الأئمة إلا أن نجد صارف؟ نعم لو وجد إجماع على أن الأمر للاستحباب قلنا: يوجد صارف ولو لم نقف عليه، كما أنهم إذا أجمعوا على نسخ حكم قلنا: يوجد ناسخ ولو لم نقف عليه كما سيأتي، لو حصل إجماع قلنا: إن الأمر للاستحباب، وقطعاً يوجد صارف ولو لم نقف عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015