في بعض كتب الآداب وقد نقلت عن شخصٍ .. ، في بعض كتب الآداب تقول: إذا كان رد السلام يذهب هيبة العالم أو هيبة القاضي أو كذا أنه ما يرد السلام، ونقل عن شخصٍ أنه يقول بهذا ويفعله، يسلم عليه ولا يرد، ويعتمد مثل هذا، قلت: يا أخي والله لو قاله أبو بكر لرمينا به عرض الحائط، والله -جل وعلا- يقول: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [(86) سورة النساء] أقل الأحوال، فكثير من الأحوال قد يخرج الإنسان فيها عن مثل هذا وهو لا يشعر، فعلينا أن نعنى بذلك عناية تامة، إذا انتهينا من المحكم الذي لا يجوز عنه العدول بحال يأتينا المعارض.
وغيره معارضٌ إن أمكنا ... بينهما الجمع فقد تعينا
إذا أمكن الجمع بين النصوص المتعارضة فلا بد منه، يعني الخطوة الأولى الجمع والتوفيق بين النصوص؛ لأننا إذا جمعنا ووفقنا بين النصوص عملنا بالنصوص كلها، أما إذا حكمنا بنسخ مثلاً أو ترجيح فإننا نعمل ببعض النصوص دون بعض، نعمل بالناسخ ونعمل بالراجح ونترك المنسوخ ونترك المرجوح، فإذا أمكن الجمع تعين، يقول:
وغيره معارضٌ إن أمكنا ... بينهما الجمع فقد تعينا
يعني من أوضح الأمثلة في حديث شداد بن أوس، ودعونا هذا للنسخ، في حديث: ((لا عدوى ولا طيرة)) وفي حديث: ((فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد))، ((لا يورد ممرضٌ على مصح)) مع قوله: ((لا عدوى ولا طيرة)) أهل العلم جمعوا بين هذه النصوص، فمن قائلٍ يقول: إنه لا عدوى بمعنى أن المرض لا يتعدى ولا يسري بنفسه من المريض إلى السليم، ولكن الله -جل وعلا- جعل مخالطة الصحيح للمرض سبب لانتقال المرض، وإلا فالأصل أنه لا عدوى، لا عدوى المنفي أن يتعدى ويسري المرض بنفسه من المريض إلى السليم.
((فر من المجذوم فرارك من الأسد)) ((لا يورد ممرضٌ على مصح)) هذا من أجل إيش؟ أن المخالطة سبب، سبب للانتقال، لا يعني أن المرض بنفسه ينتقل لكن المخالطة سبب، والمسبب هو الله -جل وعلا-، والذي نقل المرض من المريض إلى السليم هو الله -جل وعلا- الذي هو المسبب.