[(إِدْرَاكُ مُفْرَدٍ) المراد بالمفرد ما ليس وقوع نسبةٍ حكميةٍ، أو لا وقوعها كإدراك الموضوع، وإدراك المحمول، وإدراك النسبة في مثل قولك: زيدٌ قائم. فإدراك زيد أي ذاتِهِ، وإدراك قائم أي معناه، وإدراك النسبة التي هي ارتباط القيام بزيد، وإدراك الموضوع مع المحمول، أو الموضوع مع النسبة، أو المحمول معها، أو مجموع الثلاثة كلٍّ منها ... (تَصَوُّرًا) مفعولٌ ثانٍ لعلم فيكون المعنى إدراك المفرد (عُلِمْ) أي سمي في الاصطلاح تصورًا، وذلك صادق بإدراك واحدٍ من السبعة التي هي الموضوع والمحمول والنسبة أو اثنين من الثلاثة أو مجموعها (وَدَرْكُ) اسم مصدر بمعنى إدراك وقوع (نِسْبَةٍ) في مثل قولك: زيدٌ قائمٌ، أو عدم وقوعها في مثل قولك: ليس زيدٌ قائمًا، (بِتَصْدِيقٍ وُسِمْ) أي عُلِّمَ، والمعنى وإدراك وقوع النسبة في الإيجاب وعدم وقوعها في السلب علمَ عند المناطقة بالتصديق. وإيضاح ذلك أن العلم الذي هو مطلق الإدراك إن تعلق بمفرد كالإنسان سمي تصورًا، وإن تعلق بوقوعِ نسبة المركب أو عدمِ وقوعها سمي تصديقًا كما تقدم، وهذا ميلٌ لمذهب الحكماء القائلين بأن التصديق بسيط وهو إدراك وقوع النسبة أو عدم وقوعها فيكون إدراك الموضوع وإدراك المحمول وإدراك النسبة التي هي ارتباط المحمول بالموضوع شروطًا للتصديق. وإما مذهب الإمام الرازي فالتصديق هو مجموع الإدراكات الأربعة، أعني إدراك الموضوع، وإدراك المحمول، وإدراك النسبة، وإدراك وقوع تلك النسبة أو عدم وقوعها، فتكون الإدراكات الثلاثة الأول شطورًا عنده للتصديق أي أجزاء له، والتحقيق الأول وهو أن التصديق بسيط.
ــــــــــــــــــ - الشرح - ــــــــــــــــــ
(إِدْرَاكُ مُفْرَدٍ تَصَوُّرًا عُلِمْ) إدراك المفرد علم تصورًا، إذًا يسمى تصورًا عند المناطقة، وإدراك نسبةٍ يسمى تصديقًا، هذا الفرق بين النوعين التصور والتصديق، (إِدْرَاكُ مُفْرَدٍ) يعني فهم المراد به [المراد بالمفرد] هنا عرفنا معنى الإدراك [ما ليس وقوع نسبةٍ حكميةٍ أو لا وقوعها كإدراك الموضوع، وإدراك المحمول، وإدراك النسبة في مثل قولك: زيدٌ قائم. فإدراك زيد، أي ذاتِهِ، وإدراك قائم، أي معناه، وإدراك النسبة التي هي ارتباط القيام بزيد]، هذه كلها تسمى تصورات، الموضوع والمحمول عند المناطق ما يقابل المبتدئ والخبر عند النحاة، وما يقابل المسند إليه والمسند عند البيانيين، وما يقابل المحكوم عليه والمحكوم به عند الأصوليين، الألفاظ هذه اصطلاحات مختلفة إلا أنها تصدق على شيءٍ واحد، فمثلٌ قولك: زيدٌ قائم. زيدٌ مبتدأ وقائمٌ خبر، زيدٌ موضوع يسمى عند النحاة موضوعًا لأنه وضع كالأساس ليحمل عليه الحكم، وقائمٌ هذا محمول، إذًا الموضوع والمحمول هو المبتدأ والخبر، عند البيانيين زيدٌ مسندٌ إليه، وقائمٌ مسندٌ، عند الأصوليين زيدٌ محكومٌ عليه وقائم محكومٌ به، إذًا اصطلاحات أربعة: مبتدأ وخبر، مسندٌ إليه ومسند، موضوعٌ ومحمول، محكومٌ عليه ومحكومٌ به.