هذا النوع الثاني الذي ذكره من لواحق القياس، الأول القياس المركب، والثاني القياس الاستقرائي (وَإِنْ بِجُزْئِيٍّ عَلَى كُلِّي اسْتُدِلْ) جزئي بالتشديد على أصله (عَلَى كُلِّي اسْتُدِلْ)، (كُلِّي) هذا الأصل خففت الياء من أجل الوزن، وإن بجزئي استدل، وإن استدل بجزئي على كلي، إذًا كلا الجار والمجرور متعلق بقوله: استدل، بجزئي متعلق باستدل، وكذلك على كلي متعلق به، [(وَإِنْ بِجُزْئِيٍّ عَلَى كُلِّي) خففت ياؤه للضرورة ... (اسْتُدِلْ) أي استدل بجزئي على كلي]، والمراد هنا استدل بجزئي ليس بالجزئي بذاته؛ لأنه لفظ، وإنما المراد به بالحكم الجزئي على حكم الكلي، فلا بد من جعله صفة لموصوف محذوف، وإن استدل بجزئي يعني بذاته؟ لا، لأن المراد هنا إثبات الأحكام. إذًا يُستدل بماذا؟ بحكم الجزئي على حكم الكلي، أي استدل بحكم جزئي على حكم كلي، أو حكم الجزئي على حكم الكلي، أي استدل بجزئي على كلي، وصورة الاستدلال فسرها بقوله: بأن الباء هذه للتصوير [بأن تُصُفِّحَتِ الجزئيات وحكمت بحكمها] أو بأن تصفحتَ أنتَ الجزئيات [وحكمت بحكمها على الكلي]، يعني تنظر في الجزئيات في الآحاد جزئي، ثم جزئي، ثم ثالث، ثم رابع، قد يكون أكثر وقد يكون الجميع، ثم تثبت الحكم للعام بناءً على ماذا؟ بناءً على أن الحكم في الجزئي هو كذا، حينئذ تسحب حكم الجزئيات وتضعه أو تلصقه بحكم الكلي، بمعنى تقول: الكلي كذا وحكمه كذا ما الدليل؟ لأننا تصفحنا الجزئيات ووجدناها كذا وكذا، هذا كما يذكره الفقهاء في مقام الحيض وغيره، بأن تصفحت الجزئيات وحكمت بحكمه على الكلي (فَذَا بِالِاسْتِقْرَاءِ عِنْدَهُمْ عُقِلْ)، (فَذَا) المشار إليه ما هو؟ استدلال، (فَذَا) المشار إليه هو الاستدلال المفهوم من قوله: استدل هذا كقوله {اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] لأن الضمير اسم الإشارة لا يعودان إلا على الأسماء، حينئذ أين المشار إليه هنا؟ تقول: الاستدلال المفهوم من قوله: ... (اسْتُدِلْ)، (فَذَا) الاستدلال (عُقِلْ) (بِالِاسْتِقْرَاءِ عِنْدَهُمْ) يعني عُلم وثبت بالاستقراء، وهو استفعال من القراءة عندهم أي عند المناطقة، [أي علم، كما إذا تصفحنا جزئيات من الحيوان الإنسان كالإنسان والفرس والحمار فوجدناها] اشتركت في أمر ما وهو أنها [تحرك فكها الأسفل عند المضغ، فحكمنا بحكم تلك الجزئيات على كليها وهو الحيوان]، الحيوان كلي له جزئيات وهو الفرس و .. و ..