وَهْوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى النَّتِيجَةِ ... أَوْ ضِدِّهَا بِالفِعْلِ لاَ بِالقُوَّةِ
فَإِنْ يَكُ الشَّرْطِيُّ ذَا اتِّصَالِ ... أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ وَضْعَ التَّالِي
وَرَفْعُ تَالٍ رَفْعَ أَوَّلٍ وَلاَ ... يَلْزَمُ فِي عَكْسِهِمَا لِمَا انْجَلَى
(فَصْلٌ فِي القِيَاسِ الِاسْتِثْنَائِيِّ). (وَمِنْهُ) أي القياس (مَا) أي الذي (يُدْعَى) أي يسمى (بِالِاسْتِثْنَائِي) لاشتماله على أداة الاستثناء وهي لكن - كما سيأتي - (يُعْرَفُ) ذلك القياس الاستثنائي (بِالشَّرْطِي) لاشتماله على مقدمة شرطية، وتُسمى الكبرى، والمشتملة على أداة الاستثناء صغرى.
(بِلاَ امْتِرَاءِ) أي شك، كمَّل به البيت، وعرف القياس الاستثنائي بقوله: (وَهْوَ الَّذِي دَلَّ عَلَى النَّتِيجَةِ** أَوْ ضِدِّهَا) أي نقيضها بأن تكون مذكورة فيه أو نقيضها (بِالفِعْلِ) أي بصورتها (لاَ بِالقُوَّةِ) أي لا تكون متفرقة الأجزاء كما في القياس الاقتراني، فإن نتيجته قد ذُكرت، لكنها متفرقة الأجزاء في مقدمتيه موضوعها في الصغرى ومحمولها في الكبرى. وأما القياس الاستثنائي ففيه عين النتيجة، أو نقيضها بصورته كما يأتي
(فَإِنْ يَكُ الشَّرْطِيُّ) أي القضية الشرطية، وذَكَّرَ باعتبار كونها قولاً (ذَا اتِّصَالِ) أي هي ذات اتصال أي متصلة (أَنْتَجَ وَضْعُ ذَاكَ) المقدم أي إثباته (وَضْعَ التَّالِي) أي إثباته (وَ) أنتج (رَفْعُ تَالٍ رَفْعَ أَوَّلٍ) مثال ذلك كلما كان هذا إنسانًا كان حيوانًا لكنه إنسان ينتج فهو حيوان، فقد أنتج إثبات المقدم إثبات التالي لأن المقدم ملزوم، والتالي لازم، ويلزم من وجود الملزوم وجود اللازم، ولو قلت في هذا المثال: لكنه ليس بحيوان أنتج فهو ليس بإنسان، لأن رفع اللازم يوجب رفع الملزوم، فعلم أن المنتج منه ضربان (وَلاَ يَلْزَمُ فِي عَكْسِهِمَا) أي لا يلزم الإنتاج من عكسهما أي من وضع التالي أو رفع المقدم، فلو قلت في المثال المتقدم: لكنه حيوان لم ينتج إنه إنسان لأن اللازم قد يكون أعم من الملزوم، ولا يلزم من إثبات الأعم إثبات الأخص، وكذا لو قلت: لكنه ليس بإنسان لا ينتج شيئًا لأن رفع الأخص لا يوجب رفع العام، والملزوم هنا أخص من لازمه، وهذا معنى قوله: (لِمَا انْجَلَى). أي لما اتضح من أن التالي لازم، وقد يكون أعم من ملزومه، فلا يلزم من إثباته إثبات ملزومه، ولا من نفي ملزومه نفيه، فهذان الضربان عقيمان.
ــــــــــــــــــ - الشرح - ــــــــــــــــــ