وَتَنْتَهِي إِلَى ضَرُورَةٍ لِمَا ... مِنْ دَوْرٍ اوْ تَسَلْسُلٍ قَدْ لَزِمَا
[(وَتَنْتَهِي) أي المقدمات] من حيث النتيجة [(إِلَى) ذي (ضَرُورَةٍ)] يعني مقدمة ضرورية متى؟ [إن لم تكن هي ضرورية (إِلَى)] ذي لو قال: إلى ذات لكان أولى، [(إِلَى) ذي (ضَرُورَةٍ)] يعني صاحب ضرورة، لو قال: صاحبة كان أولى [إن لم تكن ضرورية (لِمَا مِنْ دَوْرٍ اوْ تَسَلْسُلٍ)، (لِمَا) يلزم على تقدير عدم انتهائها إلى ضرورة]، (مِنْ دَوْرٍ اوْ تَسَلْسُلٍ)، [(من دور) وهو توقف الآخر على ما يتوقف عليه (اوْ تَسَلْسُلٍ) وهو ترتب أمر على أمر إلى ما لا نهاية له، (قَدْ لَزِمَا)] يعني المقصود النتيجة لا بد أن تكون ضرورية، [فلزوم الدور فيما إذا استدل] أو استدل [على المتأخر بما يتوقف عليه ذلك المتأخر، ولزوم التسلسل فيما إذا توقف الأول على أدلة مترتبة لا غاية لها، فإن انتهى الأمر إلى دليل غير ضروري مقدماته ولا مسلمة لم يكف]، لا بد أن تكون المقدمة ضرورية أو مسلمة عند الخصم، [مثال ما مقدماته ضرورية هذا العدد ينقسم إلى متساويين وكل منقسم كذلك زوج]، هذا مسلم، وهذا من الضرورة، كل ما كان منقسمًا إلى اثنين متساويين فهو زوج، [ومثال ما مقدماته نظرية قولك العالم صفاته حادثة، وكل من صفاته حادثة فهو حادث، فنستدل على الصغرى]، إذًا إذا لم تكن إحدى المقدمتين ضرورية أو مسلمة لا بد من استدلال لها، يعني لا تذكر المقدمة هكذا، بل لا بد من ذكر دليلها، قد يكون الدليل مشاهد، وقد يكون محسوسًا، وقد يكون مسلمًا .. إلى آخره، [فنستدل على الصغرى بقولنا: صفاته متغيرة، وكل متغير حادث، والأولى من هاتين المقدمتين] صفاته متغيرة ... [ضرورية للمشاهدة] تراه بعينك، [ونستدل على الثانية منهما بالتغير إن كان من عدم إلى وجود كان الوجود طارئًا]، يعني كل متغير حادث نستدل عليها بماذا؟ للتغير [إن كان من عدم إلى وجود كان الوجود طارئًا] فهو حادث [أو من وجود إلى عدم كان الوجود جائزًا، والجائز لا يكون إلا حادثًا، ونستدل على الكبرى من القياس الأول] السابق، وكل من صفاته حادث فهو حادث، [بقولنا: كل من كان صفاته حادثة لا يعرى عن الحوادث، وكل من لا يعرى عن الحوادث لا يسبقها، وكل من لا يسبق الحوادث فهو حادث، فقد انتهينا إلى الضرورة، ولا عبرة باعتبار بعض الفلاسفة على بعض تلك المقدمات فإن ذلك مكابرة].
المقصود أن النتيجة أو المقدمات تنتهي إلى ضرورة، فإن لم تكن حينئذ نحتاج إلى الاستدلال، وقد يُسلم، وقد لا يُسلم.
وَتَنْتَهِي إِلَى ضَرُورَةٍ لِمَا ... مِنْ دَوْرٍ اوْ تَسَلْسُلٍ .........
قال في الشرح: [إن لم تكن ضرورية]، إن كانت ضرورية فلا إشكال فيها، ولذلك.
فَإِنَّ لاَزِمَ المُقَدِّمَاتِ ... بِحَسَبِ المُقَدِّمَاتِ آتِ
إذا كانت المقدمات يقينية حينئذ لزم منها أن تكون النتيجة يقينية، إذا كانت نظرية لا بد أن تكون النتيجة ضرورية، لأنه لو لم تكن ضرورية حينئذ لزم الدور أو التسلسل.
- - -
فَصْلٌ فِي القِيَاسِ الِاسْتِثْنَائِيِّ
وَمِنْهُ مَا يُدْعَى بِالِاسْتِثْنَائِي ... يُعْرَفُ بِالشَّرْطِي بِلاَ امْتِرَاءِ