وقولنا: قولاً آخرَ المراد به النتيجة، فإنها قول مغاير لقضيتي القياس، فيخرج به القضيتان المستلزمتان لإحداهما كقولنا: زيد قائم، وعمرو جالس، فهاتان قضيتان يستلزمان إحداهما ولا يسميان قياسًا لأن إحداهما ليس قولاً آخر، والمراد بقولنا: مستلزمًا بالذات قولاً آخر أن القياس متى سُلِّم استلزم النتيجة، سواء كان صادقًا - كما مرَّ - أو كاذبًا كقولنا: كل إنسان حمار، وكل حمار صهال، فإنه يستلزم بحيث لو سُلِّمَ أن كل إنسان صهال، وإنما قلنا ذلك: لأن التعريف يجب صدقه على القياس الصادق والكاذب كالسفسطة.
ــــــــــــــــــ - الشرح - ــــــــــــــــــ
(بَابٌ فِي القِيَاسِ) هذا مقاصد، مقاصد ماذا؟ تصديقات: [وهو لغة تقدير شيء على مثال آخر كتقدير المزروع على آلة الزرع، واصطلاحًا ما ذكره المصنف بقوله:
إِنَّ القِيَاسَ مِنْ قَضَايَا صُوِّرَا ... مُسْتَلْزِمًا بِالذَّاتِ قَوْلاً آخَرَا
(إِنَّ) حرف توكيد ونصب والأصل في التوكيد إنما يكون للمتردد، ولِمَ جاء بـ (إِنَّ) هنا؟ قيل: قد يتردد الطالب هل القياس هنا هو القياس الأصولي أم لا؟ فجاء بالمؤكد هكذا قيل، يعني لو درس الأصول أولاً، ثم درس هذا الموضع (بَابٌ القِيَاسِ)، ما المراد به هل هو القياس الأصولي أم القياس المنطقي؟ هل هو عينه أم غيره؟ حينئذ وقع تردد فأُكِّد له (إِنَّ القِيَاسَ مِنْ قَضَايَا صُوِّرَا)، (مِنْ قَضَايَا)، قدر الشارح هنا القول: لا بد أن نقدر هذا التركيب، قول: صوِّرا من قضايا، يعني، أُلِّفَ وركب من قضايا، قضايا هذا جمع، والمراد به اثنان فأكثر، إما مجازًا، وإما أن يكون أقل الجمع اثنان يعني حقيقة، وإما أن يقال: المناطقة يستعملون الجمع مرادًا به الاثنين، واحد من هذه الأجوبة الثلاثة [(إِنَّ القِيَاسَ) قول (مِنْ قَضَايَا صُوِّرَا) أي ركب تركيبًا خاصًا حالة كونه] سيأتي التركيب الخاص كيف يكون، [حالة كونه] هذا التركيب (مُسْتَلْزِمًا) يعني لازم لا ينفك عنه البتة [(بِالذَّاتِ) أي بذاته (قَوْلاً آخَرَا)] أي النتيجة، المراد بالقول الآخر هنا النتيجة، القياس قول مؤلف يعني مركب من قضيتين فأكثر ... (مُسْتَلْزِمًا) هذا في النظم هنا حال من الضمير في صورًا [(بِالذَّاتِ) أي بذاته] أي نائبة عن الضمير (قَوْلاً آخَرَا) قولاً يعني نتيجة، ووصف القول بكونه آخر يعني مغاير لكل من المقدمتين، قلنا: (مِنْ قَضَايَا) يعني من قضيتين فأكثر يستلزم ماذا؟ يستلزم نتيجة، هذه النتيجة لا بد أن تكون مغايرة لكل من المقدمتين الصغرى والكبرى، [فقولنا: قولاً جنس يخرج به المفرد] فالمفرد لا يكون قياسًا، وإنما لا بد من قضية وقضية أخرى [فإنه لا يسمى قولاً لأن القول عند المناطقة خاص بالمركب]، واضح؟ [وقولنا: (صُوِّرَا)، (مِنْ قَضَايَا) يُخرج القضية الواحدة] القياس لا بد أن يكون مؤلفًا من قضيتين فأكثر، فأما إذا كان قضية واحدة فلا يُسمى قياس، كل إنسان حيوان، قياس هذا؟ لو قال: كل إنسان حيوان ليس بقياس، لماذا؟ لأنه قضية واحدة، والقياس لا بد من قضيتين، ثم يستلزم قولاً آخر، [والمراد بالقضايا] في كلام الناظم [قضيتان أو أكثر] لماذا؟ [ليشمل القياس البسيط]، القياس عندهم نوعان: