إنما هي المعينة لا المانعة، لأن المجاز لا يتحقق إلا بقرينةٍ.
- - -
وَلاَ بِمَا يُدْرَى بِمَحْدُودٍ وَلاَ ... مُشْتَرَكٍ مِنَ القَرِينَةِ خَلاَ
(وَلاَ) يكون التعريف (بِمَا) أي بلفظ (يُدْرَى) أي يعلم معناه ... (بِمَحْدُودٍ) أي معرف يتوقف معرفة ذلك التعريف على معرفة المعرَّف لأداء ذلك إلى الدور، فيمتنع كتعريف العلم بأنه معرفة المعلوم، مع أن المعلوم تتوقف معرفته على معرفة العلم لاشتقاقه منه، وأجيب بأن المعلوم مراد منه الذات بقطع النظر عن وصفها بالمعلومية فكأنه قيل: العلم إدراك الشيء. (وَلاَ ** مُشْتَرَكٍ مِنَ القَرِينَةِ خَلاَ) أي ولا يكون التعريف بلفظ مشترك، خالٍ من القرينة المعينة للمراد كتعريف الشمس بأنه عين ومحل امتناع المشترك ما لم يُرَدْ جميع المعاني الموضوع لها كتعريف القضية بأنها قولٌ يحتمل الصدق والكذب مع أن القول مشترك بين الملفوظ والمعقول، لكن لما أريد كل منهما صح التعريف.
ــــــــــــــــــ - الشرح - ــــــــــــــــــ
[(وَلاَ) يكون التعريف (بِمَا) أي بلفظ (يُدْرَى)].
وَلاَ بِمَا يُدْرَى بِمَحْدُودٍ وَلاَ ... مُشْتَرَكٍ مِنَ القَرِينَةِ خَلاَ
(وَلاَ بِمَا يُدْرَى بِمَحْدُودٍ)، يعني: ولا بما يعلم بواسطة المعرف، وهذا مر معنا في العلم، ما هو العلم؟ إدراك المعلوم، هذا لا يمكن الوصول إلى حقيقة العلم بهذا التعريف، لماذا؟ لأنه يلزم منه الدور، فهنا توقف التعريف على معرفة المعرَّف، ما هو العلم؟ إدراك المعلوم، طيب كيف نعرف المعلوم، المعلوم هذا اسم مفعول من العلم، كيف نعرف المعلوم؟ صار هذا متوقفًا على معرفة العلم، ما هو المعلوم؟ هو المتصف بالعلم، طيب ما هو العلم؟ هو إدراك المعلوم، حينئذٍ يلزم منه الدور، هذا المراد هنا [(وَلاَ) يكون التعريف (بِمَا) أي بلفظ (يُدْرَى) أي يعلم معناه (بِمَحْدُودٍ)]، يعني: مطلق المعرف، [(بِمَحْدُودٍ) أي معرف يتوقف معرفة ذلك التعريف على معرفة المعرَّف]، يعني: نسأل عن المعرف وهو مجهول. (لأداء ذلك إلى الدور)، يعني: توقف العلم بالمعرَّف على، أو العلم بالتعريف على العلم بالمعرف وهكذا، [فيمتنع كتعريف العلم بأنه معرفة المعلوم، مع أن المعلوم تتوقف معرفته على معرفة العلم لاشتقاقه منه]، فلما جاء بلفظٍ مشتق من مادة المعرَّف حصل الدور، لأنك لا تتصور المعلوم نحن قلنا: التعريف لا بد أن يكون معلومًا عند المخاطَب، والمخاطَب يسأل عن ماذا؟ عن العلم، إذًا هو يجهل حقيقة العلم، فإذا جئت في التعريف بلفظ المعلوم المشتق من العلم لا بد أن يتصور معنًى المعلوم حتى يعرف التعريف، فإذا قلت: المعلوم. لا بد أن يعرف أنه متصفٌ بالعلم والعلم هو معرفة المعلوم، [وأجيب بأن المعلوم مراد منه الذات بقطع النظر عن وصفها بالمعلومية فكأنه قيل: العلم إدراك الشيء] المراد المثال.
الشأن لا يعترض المثال ... إذ قد كفى الفرد والاحتمال