(وَظَاهِرًا لاَ أَبْعَدَا)، (وَلاَ مُسَاوِيًا) [للمعرَّف في الخفاء، كقولنا في تعريف المتحرك: هو ما ليس بساكن]، وما هو ما ليس بساكن؟ هو: المتحرك، وما هو المتحرك؟ ما ليس بساكن، إذًا هذا مساويًا له ولا يصلح التعريف بالمساوي، وهذا إذا استوى كلٌّ منهما عند السامع، [(وَلاَ) أن يرى التعريف (تَجَوُّزَا) بضم الواو أي لفظٌ تُجُوِّزَا] تَجَوُّزًا [أي: لفظًا مجازيًا]، يعني: المجاز لا يدخل التعاريف، لماذا؟ لأن المجاز هو حمل اللفظ على معنًى ثانٍ غير المعنى الحقيقي له، وإن كان اشترط فيه القرينة، [ومحل امتناع المجاز [لدخوله في التعريف [إذا كان (بِلاَ قَرِينَةٍ) معينة للمراد، (بِهَا) أي بتلك القرينة (تُحُرِّزَا)] ولا تَجَوُّزًا بلا قرينة تُحُرِّزَا بها، إذًا لا بد من قرينةٍ معينةٍ للمراد، متى؟ إذا أدخلنا المجاز في التعاريف، الأصل أن التعريف لا يدخله المجاز، فإن دخله المجاز حينئذٍ لا بد من قرينةٍ معينةٍ للمراد، فإن لن لم يكن قرينة حينئذٍ المنع، [(تُحُرِّزَا) بالبناء للمجهول، يعني: محل امتناع التعريف بالمجاز إذا كان خاليًا عن القرينة المعينة للمراد التي يُحْتَرَزُ بها عن إرادة غير المراد، كتعريف العالم بأنه بحرٌ يدخل الحمام]، ما العالم؟ قال: [بحرٌ يدخل الحمام]. هو العالم الذي يدخل الحمام فقط، هذا ما حصل به التمييز، إذًا لا بد من قرينة، وهنا لم توجد قرينة تعين، أما كونه مجازًا لقوله: [بحرٌ]. لما قال: [بحرٌ]. علمنا أنه مجاز، لكن بحر هذا قد يكون في المال، قد يكون في شيءٍ آخر غير العلم، لأن التشبيه بالبحر في الكثرة والاتساع، وهذا ليس خاصًا بالعلم، إذًا [بحرٌ يدخل الحمام] نقول: هذا لا يصلح أن يُعَرَّف به العالم لأنه ليس خاصًا به، أو بحرٌ [يصلى ويصوم]، نقول: هذا لا يصلح أن يكون تعريفًا، وإن كان لفظ البحر هذا مجازًا، لعدم وجود القرينة المعينة، [فيمتنع] تعريف العالم بما ذكر، [لالتباس المراد بغيره، فإن كان مع المجاز قرينة تُعَيِّن المراد كقولنا في تعريف البليد: حيوان ناهقٌ يدخل الحمام] وهذا واضح، لأن الحمار لا يدخل الحمام، وإنما يعني الحيوان الذي هو حيوان ذو الأربع لا يدخل الحمام، وإنما البليد هو الذي يصح منه ذلك، إذًا [حيوان ناهقٌ يدخل الحمام ويصلي، جاز التعريف به]، ولو قيل في العالم: بحرٌ يلاطف الناس يُظْهِرُ الدقائق والنكات. هذا صح التعريف به لأن الذي يظهر النكات الدقائق إنما هو العالم، إذًا المراد هنا إذا وقع المجاز في التعريف فلا بد من قرينةٍ معينة، وليس المراد هنا القرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي لا عندنا قرينتان هنا، المجاز لا يصح أن يكون مجازًا إلا بقرينة تدل على أن اللفظ استعمل في غير ما وضع له في لسان العرب، وهذه القرينة قرينة مانعة، وليست المراده هنا (بِلاَ قَرِينَةٍ) ليست المراد أنها المانعة، لماذا؟ لأننا أطلقنا عليه أنه مجاز، ولا يكون مجازًا إلا بقرينةٍ مانعة، وأما المراد هنا في التعريف القرينة المعينة، يعني: القرينة الزائدة على المجاز، نثبت أولاً أنه مجاز ثم لا بد من قرينةٍ معينةٍ للمراد يحترز بها عن غير المعنى المراد، فقول الناظم: (بِلاَ قَرِينَةٍ).