يعني: كل ما ادعته لم أصنع منه شيئًا البتة، هنا قال: كله لم أصنعِ. قدم لفظ كلّ على لفظ أو على حرف النفي وهو لم، حينئذٍ يكون من عموم السلب أي أنه لم يصنع شيئًا واحدًا مما ادعت عليه، إذًا كل ذلك لم يكن، هل هو من سلب العموم أو من عموم السلب؟ من عموم السلب، إذًا من قبيل الكلية، لماذا؟ لأن هذه القاعدة قررها البيانيون، وهي قاعدة أغلبية نعم قاعدة أغلبية منقوضة في بعض المواضع، لكنها قاعدة أغلبية، إذًا [كل ذلك لم] تقدم لفظ كل على لم، الغالب أن لفظ كل إذا تقدم على حرف النفي فهو من عموم السلب، حينئذٍ هذا مختص بالكلية وهنا النص قد تقدم على ذلك، ولذلك قال: [ولأن القاعدة الغالبة]. ليست مطردة [أن كُلاً] يعني: لفظ كل، [إذا تقدمت على النفي] كقول: كل ذلك لم أصنعي، كله لم أصنعي. [كان الكلام من عموم السلب] وهو من قبيل الكلية لا من قبيل الكل، [وكلٌّ]، أو لفظ [كُل متقدمة هنا في قوله: - صلى الله عليه وسلم - «كل ذلك لم يكن». فيكون السلب عامًا لكل فردٍ بحسب الظن]، فنفى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوع الأمرين على حدة كل واحد على حدة، يعني: كأنه قال: لم أقصر لم تقصر الصلاة ولم أنسى. حينئذٍ هل هذا كذبٌ أم لا؟ نقول: لا ليس بكذب. لماذا؟ لأن التقدير كل ذلك لم يكن في ظني، لا بد من التقدير، وهذا ما يسمى بدلالة اقتضاء عند الأصوليين، إذًا في ظني هو المحذوف، الناظم لم يعتبر قوله: في ظني. فحينئذٍ لا بد من توجيه الخبر، والصواب أن يقال: أنه من قبيل دلالة الاقتضاء التي يدل اللفظ على محذوفٍ لا بد من تقديره لأنه ينافي الشرع وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقع في الكذب البتة، لولا أن نقدر لقلنا: هذا محتمل. والصحيح أن الذي ذكره الشارح هنا هو الموجه، [فيكون السلب عامًا لكل فردٍ بحسب الظن لا بحسب الواقع فلا كذب] الذي فر منه الناظم وجعل الحديث من قبيل الكلي لا من قبيل الكلية، [وحينئذٍ تمثيل المصنف بالكلي بهذا المثال غير صحيح]، والمثال الذي ذكره الشارح {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ} [الحاقة: 17] أصح.

وَحَيْثُمَا لِكُلِّ فَرْدٍ حُكِمَا ... فَإِنَّهُ كُلِّيَّةٌ قَدْ عُلِمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015