حينئذٍ {اقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] المشركين هذا لفظٌ عام، والحكم هو: القتل. حينئذٍ كل فردٍ من أفراد لفظ المشركين يصدق عليه أنه يجب قتله هذا بشرطه، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} [المؤمنون: 1] كل فردٍ من أفراد لفظ المؤمنين أو المؤمنون - وهو حكاية - نقول: ثبت له الحكم وهو الفلاح، وأطلق هنا فيعم الفلاح في الدنيا والآخرة، إذًا العام هذا من قبيل الكلية، إذًا الكل لا يتبع الحكم فيه كل فرد من أفراه، هذا الضابط انتبه لهذا لا يتبع الحكم فيه كل فردٍ من أفراده بل على الهيئة المجتمعة، والكلية يتبع الحكم فيها كل فرد من أفرادها، ومنه اللفظ العام الذي يذكره الأصوليون، الناظم هنا أتى بمثالٍ على أنه من قبيل الكل، وقد أخطأ إذ هو من قبيل الكلية، ولذلك قال: (كَكُلُّ ذَاكَ لَيْسَ ذَا وُقُوعِ). قال الشارح هنا: [ومثل المصنف الحكم على المجموع] لا على الجميع [بقوله: (كَكُلُّ)]. كقولك أو كقول ذا اليدين، كل ذاك ليس ذا وقوع [وهو معنى الحديث المروي من قوله: - صلى الله عليه وسلم - «كل ذلك لم يكن». حين قال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت؟] قال: النبي - صلى الله عليه وسلم - «كل ذلك لم يكن». ما هو المشار إليه؟ هل هو المجموع أو كل فردٍ؟ الناظم يرى أنه المجموع، يعني: لم يقع لا القصر ولا النسيان، قال: لو حملناه. يعني: هو سلك مسلك الأدب في ظنه، أننا لو حملناه على الكلية حينئذٍ يصدق بالبعض، حينئذٍ «كل ذلك لم يكن، لم أقصر ولم أنسَ»، قال: بل نسيت. إذًا حصل أو وقع واحد من المنفي، قال: لو حملناه على الكلية للزم وقوع واحدٍ منهما، وقد نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقوع ذلك كله حينئذٍ يوهم إيقاع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكذب وليس الأمر كذلك. وهذا غير مسلم له، لماذا؟ لأنه من قبيل دلالة الاقتضاء، يعني: كل ذلك لم يكن في ظني، ومن تكلم باعتبار ظنه ولو خالف الواقع لا يسمى كذبًا لا في الشرع ولا في اللغة، إذًا هنا [لا في الشرع، في الشرع لا يسمى كذبًا، وأما في اللغة فيه كلام]، هنا قال: [وكون الحديث من باب الكل يقتضي] ماذا؟ [أن يكون المقصود] من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل ذلك لم يكن». [نفي القصر والنسيان مجتمعين لا نفي كلٍّ حدته]، لو قلت: نفي كلٍّ على حدته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015