وَمثل إِقَامَة الشَّاهِد أَو الشَّاهِدين فِي الحكم مَا لَو أَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيف الْمُدعى عَلَيْهِ فَأقر بِالْعينِ الْمُدعى بهَا لغيره فَإِنَّهُ لَا تنْدَفع عَنهُ الْيَمين (كَمَا فِي الْفَصْل الْخَامِس عشر من جَامع الْفُصُولَيْنِ، أَو ص 202) .
وَالظَّاهِر أَن هَذَا مُقَيّد بِمَا إِذا كَانَ الْمقر لَهُ، وَالْحَالة هَذِه، غير صَغِير أَو وقف، بِدَلِيل مَا تقدم تَحت الْمَادَّة / 78 / عَن الْفَصْل الْخَامِس من جَامع الْفُصُولَيْنِ فَانْظُرْهُ. فقد بَطل الْإِقْرَار لما كَانَ تَصْحِيحه وَالْعَمَل بِمُوجبِه مضراً بِالْغَيْر، وَهُوَ الْمُدَّعِي، ومفوتاً عَلَيْهِ حَقًا.
وَلَيْسَ بمستنكر تَفْرِيع هَذَا على الْفَقْرَة الثَّانِيَة من الْقَاعِدَة السَّابِقَة وَهِي: " الْإِقْرَار حجَّة قَاصِرَة " ثمَّ لينْظر مَا لَو كَانَت الدَّار الْمُدعى بهَا فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة عِنْد ظُهُور عَدَالَة الشَّاهِدين لَيست فِي يَد الْمقر، بل كَانَ سلمهَا للْمقر لَهُ. وَالظَّاهِر أَن الْحَاكِم يَنْزِعهَا من يَده ويسلمها للْمُدَّعِي. وَإِذا كَانَ غَائِبا يُخَيّر الْحَاكِم المُشْتَرِي: إِن شَاءَ أَخذ من الْمقر الْقيمَة، وَإِن شَاءَ انْتظر، حَتَّى يقدم الْغَائِب.
فقد نقل فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ، من الْمحل الْمَذْكُور، عَن الأَصْل بعيد مَا تقدم مَا لَفظه: " فَلَو برهن (أَي الْمُدَّعِي) ثمَّ بَاعه (أَي بَاعَ الْمُدعى عَلَيْهِ الْمُدعى) فَلَو قدرت على المُشْتَرِي أبطلت البيع وَلَو لم أقدر عَلَيْهِ وَعدلت الْبَيِّنَة خيرت الْمُدَّعِي: لَو شَاءَ أَخذ من البَائِع قِيمَته، وَلَو شَاءَ وقف الْأَمر حَتَّى يقدم المُشْتَرِي " (انْتهى) .
وَالظَّاهِر أَن مَا قيل فِي صُورَة التَّسْلِيم بِحكم البيع يُقَال فِي التَّسْلِيم بِحكم الْإِقْرَار، بل هُوَ أولى.
لَو أقرّ ثمَّ ادّعى الْخَطَأ لَا يصدق (ر: الدّرّ الْمُخْتَار، قبيل كتاب الصُّلْح) .
وَلَو أقرّ فَلَمَّا اسْتندَ خَصمه إِلَى إِقْرَاره ادّعى أَنه كَانَ كَاذِبًا فِيهِ وَطلب من الْحَاكِم تَحْلِيف الْيَمين على أَنه لم يكن كَاذِبًا فِي إِقْرَاره فَإِن الْحَاكِم يحلفهُ (ر: الْمَادَّة / 1589 من الْمجلة) إِلَّا فِي مَسْأَلَة وَاحِدَة لَو طلب فِيهَا تَحْلِيف الْخصم