وكما لَو أقرّ بِالدّينِ بعد أَن قبل إِبْرَاء الدَّائِن مِنْهُ كَانَ بَاطِلا (كَمَا فِي فصل الاستشراء من دَعْوَى الدُّرَر) .
وكما لَو أقرَّت الْمَرْأَة أَن الْمهْر الَّذِي لَهَا على زَوجهَا هُوَ لفُلَان أَو لوالدها فَإِنَّهُ لَا يَصح (كَمَا فِي مداينات الْأَشْبَاه) .
وكما لَو أقرّ لزوجته بِنَفَقَة مُدَّة مَاضِيَة كَانَت فِيهَا نَاشِزَة، فَإِنَّهُ لَا يَصح إِقْرَاره (كَمَا فِي الْحَمَوِيّ على الْأَشْبَاه، من الْإِقْرَار) .
وَبَقِيَّة التَّمْثِيل للمحترزات يعلم من مُرَاجعَة بَقِيَّة الْموَاد.
أما إِذا كَانَ الْمقر بِهِ لَيْسَ محالاً من كل وَجه، بِأَن كَانَ يُمكن ثُبُوته فِي الْجُمْلَة، كَمَا إِذا أقرّ لصغير بقرض، أَو ثمن مَبِيع بَاعه إِيَّاه أَو أقْرضهُ، صَحَّ وَإِن كَانَ لَا يتَصَوَّر صدوره من الصَّغِير، لِأَن الْمقر مَحل لثُبُوت الدّين عَلَيْهِ للصَّغِير فِي الْجُمْلَة (ر: الْأَشْبَاه) .
يعلم مِمَّا هُنَا حكم حَادِثَة شَرْعِيَّة، وَهِي أَن رجلا فِي عهدته جِهَة إِمَامَة بمعلومها الشهري الْمعِين لَهَا من غلَّة الْوَقْف، فَأقر لغيره بِأَن فلَانا يسْتَحق نصف مَعْلُوم تِلْكَ الْجِهَة دوني، وَلَا شكّ فِي بطلَان هَذَا الْإِقْرَار، لِأَنَّهُ لَا يُمكن شرعا أَن تكون الْجِهَة فِي عُهْدَة زيد أَصَالَة وَالْقِيَام بهَا مُسْتَحقّا عَلَيْهِ، وَيكون شَيْء من معلومها مُسْتَحقّا لعَمْرو، إِذْ يَسْتَحِيل شرعا أَن يكون مَا يسْتَحقّهُ الْإِنْسَان الْحر لِقَاء عمله حَقًا لغيره دونه، وَفِي تَصْحِيح هَذَا الْإِقْرَار تَغْيِير للمشروع، وَهُوَ لَيْسَ فِي وسع الْمقر.
يشْتَرط لاعْتِبَار الْإِقْرَار شرعا وَالْعَمَل بِمُوجبِه أَن لَا يكون اعْتِبَاره وَالْعَمَل بِمُوجبِه مضراً بِالْغَيْر ومفوتاً عَلَيْهِ حَقًا، فَإِن كَانَ مفوتاً عَلَيْهِ حَقًا بَطل، فقد قَالَ فِي أَوَاخِر الْفَصْل الثَّالِث من جَامع الْفُصُولَيْنِ: " وَلَو أقرّ (أَي الْمُدعى عَلَيْهِ دَار) بِالدَّار لغيره بَعْدَمَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهدا وَاحِدًا أَو شَاهِدين قبل الحكم بَطل إِقْرَاره وَلَا تنْدَفع بِهِ الدَّعْوَى. فَلَو جَاءَ الْمُدَّعِي بِالشَّاهِدِ الآخر أَو ظَهرت عَدَالَة الشَّاهِدين وَالدَّار فِي يَد الْمقر بعد فَالْقَاضِي يحكم على الْمقر. انْتهى.