فَكل ذَلِك، وَكَذَا تَكْذِيب التَّوَاتُر، لَا تسمع الدَّعْوَى بِشَيْء مِنْهُ وَلَا تُقَام الْبَيِّنَة عَلَيْهِ.
وَهُوَ أَن الظَّاهِر أَن الْمُمْتَنع حَقِيقَة كدعوى بنوة أَو أبوة من لَا يُولد مثله لمثله يسْتَقلّ الْحَاكِم برد الدَّعْوَى فِيهِ بِدُونِ حَاجَة إِلَى سُؤال الْخصم عَنْهَا ويستبد بِهِ وَلَا حَاجَة إِلَى أَن يدْفع الْخصم بِأَنَّهَا ممتنعة حَقِيقَة وَأَنَّهَا لَا تسمع، إِذْ لَا فَائِدَة فِي سُؤَاله عَنْهَا، لِأَنَّهُ لَو أقرّ لَا ينفذ إِقْرَاره لِأَن شَرط نُفُوذ الْإِقْرَار على الْمقر إِمْكَان تصور صِحَّته. (ر: الْأَشْبَاه والنظائر، من الْإِقْرَار) وَلَا يتَصَوَّر صِحَة ذَلِك.
وَيلْحق بِهِ دَعْوَى الْمُتَوَلِي أَو الْوَصِيّ أَنه أنْفق على عقار الْوَقْف أَو على الْيَتِيم أَو عقاره مبلغا يكذبهُ فِيهِ الظَّاهِر، فَإِن الْحَاكِم يستبد بردهَا من غير أَن يسْأَل الْخصم عَنْهَا إِن كَانَ هُنَاكَ خُصُومَة، وَلَا يقبل قَوْله وَلَا يَمِينه إِن كَانَ ذَلِك أثْنَاء محاسبته لَهُ، إِذْ لَا فَائِدَة فِي سُؤال الْخصم عَنْهَا لِأَن السُّؤَال إِنَّمَا يكون رَجَاء الِاعْتِرَاف وَهُوَ لَا يملك الِاعْتِرَاف على الْوَقْف أَو الْيَتِيم بذلك فيردها.
بِخِلَاف بَقِيَّة الْمسَائِل المفرعة على الْمَادَّة فَإِن الظَّاهِر أَن الْحَاكِم لَا يردهَا ابْتِدَاء بل يسْأَل الْخصم عَنْهَا فَإِن دَافع بِأَنَّهَا لَا تسمع لامتناعها عَادَة ردهَا حِينَئِذٍ، وَذَلِكَ لِأَن الْخصم لَو أقرّ بالمدعى بِهِ لَدَى الْحَاكِم، وَالْحَالة هَذِه، نفذ عَلَيْهِ خُصُوصا أَن فِي بَعْضهَا لَا بُد من إِقَامَة الْمُدعى عَلَيْهِ الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي بِمَا يُفِيد امْتنَاع مدعاة عَادَة، كقرابته لَهُ واطلاعه على بَيْعه الْعين الْمُدعى بهَا، وكاطلاعه على الشِّرَاء وعَلى تصرف الْمُشْتَرى زَمَانا تصرف الْملاك، وككون الْوَلَد فِي عائلة أَبِيه وَإِن صنعتهما وَاحِدَة، وككون الْمُدَّعِي مَعْرُوفا بالفقر. وَإِقَامَة الْبَيِّنَة لَا تكون إِلَّا بعد سُؤال الْحَاكِم لَهُ عَن الدَّعْوَى ومدافعته بذلك.