(الْقَاعِدَة الثَّامِنَة عشرَة (الْمَادَّة / 19))
أَي لَا فعل ضَرَر وَلَا ضرار بِأحد فِي ديننَا، أَي لَا يجوز شرعا لأحد أَن يلْحق بآخر ضَرَرا وَلَا ضِرَارًا، وَقد سيق ذَلِك بأسلوب نفي الْجِنْس ليَكُون أبلغ فِي النَّهْي والزجر.
هَذِه الْقَاعِدَة لفظ حَدِيث شرِيف حسن، رَوَاهُ ابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَغَيرهمَا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَابْن عَبَّاس وَعبادَة بن الصَّامِت رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم مُسْندًا، وَمَالك فِي الْمُوَطَّأ مُرْسلا.
والضرار (بِكَسْر الصَّاد) من ضره وضاره بِمَعْنى، وَهُوَ خلاف النَّفْع، كَذَا قَالَه الْجَوْهَرِي. فَيكون الثَّانِي على هَذَا تَأْكِيدًا للْأولِ، لَكِن الْمَشْهُور أَن بَينهمَا فرقا فَحمل اللَّفْظ على التأسيس أولى من التَّأْكِيد. وَاخْتلف فِي الْفرق على أَقْوَال ذكرهَا ابْن حجر الهيتمي فِي شرح الْأَرْبَعين النووية، أحْسنهَا: أَن معنى الأول إِلْحَاق مفْسدَة بِالْغَيْر مُطلقًا، وَمعنى الثَّانِي إِلْحَاق مفْسدَة بِالْغَيْر على وَجه الْمُقَابلَة لَهُ، لَكِن من غير تَقْيِيد بِقَيْد الاعتداء بِالْمثلِ والانتصار للحق. وَهَذَا أليق بِلَفْظ الضرار، إِذْ الفعال مصدر قياسي لفاعل الَّذِي يدل على الْمُشَاركَة.
الْقَاعِدَة مُقَيّدَة إِجْمَاعًا بِغَيْر مَا أذن بِهِ الشَّرْع من الضَّرَر، كَالْقصاصِ وَالْحُدُود وَسَائِر الْعُقُوبَات والتعازير، لِأَن دَرْء الْمَفَاسِد مقدم على جلب الْمصَالح، على أَنَّهَا لم تشرع فِي الْحَقِيقَة إِلَّا لدفع الضَّرَر أَيْضا.