نقول: ليس صيام نصف يوم عبادة ولا جزء عبادة، فيكون في حكم غير القادر، وهكذا الذي يستطيع أن يغسل بعض أعضائه ليس عليه شيء، وهذا موضع خلاف كما قلنا في مسألة الجنب واضح، وفي مسألة الوضوء محل نظر - والله أعلم -.
هذه المسائل التي هى موضع اجتهاد يخرج من خلاف أهل العلم بفعل ما أوجبه بعض العلماء واجتناب ما نهى عنه بعض العلماء، وهذا في المسائل الاجتهادية أو المسائل الخلافية التي يكون الخلاف فيها قويًا حيث لا تظهر السنة ظهورًا بيِّنًا، أما مع ظهور الدليل عند وجود الخلاف فإن الاحتياط هو الأخذ بالدليل، ولا يُحتاط للقول المخالف؛ لأن الاحتياط الصحيح يكون باتباع السنة، أما مع ضعف الخلاف ومخالفته للدليل فلا يلتفت إلى هذا الخلاف، ولا يقال يشرع الاحتياط له.
وقد قرر الإِمام البخاري مسألة الخروج من الخلاف في صحيحه ذكر مسألة كشف الفخذ، وذكر حديث أنس رضي الله عنه لما أجرى في زقاق خيبر وحسر عن فخذه فقال: حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط؛ ليخرج من اختلافهم (?). والله أعلم.