الوجود المطلق بشرط الإطلاق، والوجود المطلق لا بشرط

وقوله رحمه الله: (وجعلوه الوجود المطلق بشرط الإطلاق):

الوجود المطلق أي: المجرد عن الصفات الثبوتية (بشرط الإطلاق) أي: بشرط التجريد عن الصفات الثبوتية.

وهنا مقالتان في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، فتاره يقول عن بعض المذاهب: "وهؤلاء جعلوه الوجود المطلق بشرط الإطلاق"، وتارة يحكي عن بعض المذاهب فيقول: "وهؤلاء جعلوه الوجود المطلق لا بشرط".

والمقالة الأولى هي مقالة ابن سينا وأمثاله الذين ينفون عنه صفات الإثبات، ويصفونه بالسلوب والإضافات، ويجعلونه الوجود المطلق بشرط الإطلاق، أي بشرط التجريد عن أي أمر ثبوتي، وهذه نظرية فلسفية لـ أرسطو طاليس.

أما مقالة الوجود المطلق لا بشرط فهي مقالة الغلاة من باطنية الصوفية، الذين يُعرفون بمذهب وحدة الوجود، كـ ابن عربي الطائي، وابن سبعين، والعفيف التلمساني، وأمثال هؤلاء.

فهؤلاء يقولون: هو الوجود المطلق، أو الموجود المطلق لا بشرط، فيجعلون الوجود واحداً، وهذه نظرية وحدة الوجود، وهي نظرية لقوم من الفلاسفة كانوا قبل أرسطو طاليس، وقد ذكر ابن تيمية أنه وقع كلام لـ أرسطو يرد به على قوم من الفلاسفة قبله كانوا يقولون بوحدة الوجود.

وهذان المذهبان -الأول والثاني- لا يزعم أصحابهما أن لهما ذِكراً في القرآن، وغاية ما يمكن أن يقول قائلهم كـ ابن سينا: أن مذهبهم له إشارة مجملة في القرآن، كقوله تعالى: {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص:2] وكقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] فيرى أن في القرآن إشارات مجملة، وهناك فرق بين الإشارة وبين التعبير اللغوي السائغ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015