قال المصنف رحمه الله: [والمقصود أنهم يطلقون التشبيه على ما يعتقدونه تجسيماً بناءً على تماثل الأجسام، والمثبتون ينازعونهم في اعتقادهم، كإطلاق الرافضة للنصب على من تولى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، بناء على أن من أحبهما فقد أبغض علياً رضي الله عنه، ومن أبغضه فهو ناصبي، وأهل السنة ينازعونهم في المقدمة الأولى].
إذاً: مسألة تماثل الأجسام يجاب عنها بأحد جوابين:
الأول: بالمنع، فإن الأجسام مختلفة؛ لأن التماثل بين المعنيين يعني امتناع الامتياز، وهذا لا وجود له في الخارج؛ فإن الأشياء بينها امتياز، وهذا من ضرورات تعدد الماهيات بين المخلوقات، فبين الخالق والمخلوق من باب أولى.
فتماثل الأجسام باطراد أمر لا وجود في الخارج، وهو مخالف لمدارك العقل الأول، ومخالف للاطراد الحسي، فإن العلم بتباين واختلاف الماهيات من العلم الضروري في العقل فضلاً عن الشرع.
الثاني: أن يقال بالاستفصال: ما المقصود بتماثل الأجسام؟ فإن قيل: المقصود أنها تشترك في إثبات الصفات مثلاً، فإن هذا ليس هو التماثل المعروف عند العقلاء.
وقوله: (كإطلاق الرافضة للنصب على من تولى أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، بناء على أن من أحبهما فقد أبغض علياً رضي الله عنه، ومن أبغضه فهو ناصبي، وأهل السنة ينازعونهم في المقدمة الأولى):
فإنه لا يلزم من محبة أبي بكر وعمر البغض لـ علي؛ بل طريقة أهل السنة والجماعة وعامة المسلمين هي التولي لسائر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويحفظون ما حفظه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ بل وما ذكره الله في القرآن من مراتبهم، فيقدمون من قدم الله، ويفضلون من فضل الله، مع القول بأن جملة الصحابة عدول خيار، وإن كانوا يفضلون أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً وأمثالهم على جمهور الصحابة.