قال المصنف رحمه الله: [فهؤلاء إذا أطلقوا على الصفاتية اسم التشبيه والتمثيل، كان هذا بحسب اعتقادهم الذي ينازعهم فيه أولئك، ثم يقول لهم أولئك: هب أن هذا المعنى قد يسمى في اصطلاح بعض الناس تشبيهاً، فهذا المعنى لم ينفه عقل ولا سمع، وإنما الواجب نفي ما نفته الأدلة الشرعية والعقلية، والقرآن قد نفى مسمى (المثل) و (الكفء) و (الند) ونحو ذلك، ولكن يقولون: الصفة في لغة العرب ليست مثل الموصوف ولا كفأه ولا نده، فلا تدخل في النص، وأما العقل فلم ينف مسمى التشبيه في اصطلاح المعتزلة].
ينتهي المصنف هنا إلى نتيجة فاصلة في هذا المقام، ولا سيما أنه قد كثر المصطلحون، وكثر الاشتراك في كلام الطوائف في مسألة التشبيه، فمنهم من فسر التشبيه بما هو من الحق، ومنهم من فسر التشبيه بما هو مما ينزه الله عنه ..
وما إلى ذلك، فيقول المصنف: إن من القواعد العقلية عند بني آدم: أن العبرة في مقام الإثبات، أو في مقام النفي للأشياء وللموجودات، أو للحقائق، أو للصفات، أو لغير ذلك -العبرة هي بالحقائق من جهة المعاني، وأما الألفاظ فإنها لا تكون حكماً على المعاني؛ إما لكون اللفظ مشتركاً في نفسه، أو لكون المستعملين له جعلوه مشتركاً.
فلا ينبغي أن تكون المناظرة على الألفاظ ..
وهذه من قواعد المناظرة الصحيحة، فلابد -أولاً- من تحقيق المعاني، فإذا حُققت المعاني الصحيحة، وعرف ما يخالفها من المعاني الباطلة؛ أمكن أن يسمى المعنى الصحيح إما بالأسماء الشرعية المذكورة في الكتاب والسنة، أو بأسماء يتفق عليها، لكن أن يكون هناك جدل في الأسماء دون أن يكون هناك تحقيق للمقصود بهذه الأسماء التي حصل الجدل عليها، فإن هذا ليس فقهاً، ولذلك فقد يوجد أن طائفة ينفون اسماً، وآخرين يثبتونه؛ لأن هؤلاء قصدوا به معنى فنفوه، وأولئك قصدوا به معنى آخر فأثبتوه.
فلابد إذاً من الاستفصال في المعاني، ولا سيما بعد كثرة المصطلحات والاشتراكات في استعمال المستعملين.