قال المصنف رحمه الله: [وإذا كان كذلك فلا بد للعبد أن يثبت لله ما يجب إثباته له من صفات الكمال، وينفي عنه ما يجب نفيه عنه مما يضاد هذه الحال، ولا بد له في أحكامه من أن يثبت خلقه وأمره، فيؤمن بخلقه المتضمِّن كمال قدرته، وعموم مشيئته، ويثبت أمره المتضمن بيان ما يحبه ويرضاه من القول والعمل، ويؤمن بشرعه وقدره إيماناً خالياً من الزلل].
هذه هي الجملة العامة في باب الصفات، وباب القدر.
أما في باب الصفات: فإنه يجب على العبد أن يؤمن بما يجب لله سبحانه وتعالى من الكمال، وينفي عنه سبحانه وتعالى ما يضاد هذا الكمال، كما قال المصنف رحمه الله: (وإذا كان كذلك فلابد للعبد أن يثبت لله ما يجب إثباته له من صفات الكمال)، فعبَّر بالوجوب؛ لأن سائر الصفات التي ثبتت له سبحانه وتعالى هي صفات واجبة في حقه، بمعنى: أنه سبحانه وتعالى متصف بها، ولا يجوز أن يتصف بها أحد من خلقه، أو ما سوى الله سبحانه وتعالى.
وقوله: (وينفي عنه ما يجب نفيه مما يضاد هذه الحال)، أي: ما يضاد الكمال.
وهنا إذا قيل: هل أهل القبلة متفقون في باب الصفات أم مختلفون فيه؟
قيل: ثمة أصل قد اتفقوا عليه، وهذا الأصل الكلي المتفق عليه بين سائر أهل القبلة هو: (أن الله مستحق للكمال منزه عن النقص)، وهذه قاعدة مُجْمَعٌ عليها بين سائر المسلمين من سائر الطوائف.
بمعنى: أن من نازع في هذه الجملة كجملة علمية إيمانية فلم يسلِّم بها، فإنه لا يُعَد من أهل القبلة، ولذلك قال ابن تيمية رحمه الله: "إن سائر أهل القبلة متفقون على أن الله مستحق للكمال منزه عن النقص"، ثم قال: "ولكنهم اختلفوا في تحقيق المناط"، أي: اختلفوا في ماهية الكمال، وماهية النقص، هل كمال الله بإثبات هذه الصفات كما هو طريق جمهور الأمة وجمهور المسلمين والأئمة والصحابة؟ أم أن الكمال يكون بهذا النفي الذي دخل عليهم من علم الكلام؟ هذا هو معنى (تحقيق المناط).