دلالة السمع والعقل على إثبات الصفات

قال المصنف رحمه الله: [مثال ذلك: أن النصوص كلها دلت على وصف الله بالعلو والفوقية على المخلوقات، واستوائه على العرش، فأما علوه ومباينته للمخلوقات فيعلم بالعقل الموافق للسمع، وأما الاستواء على العرش فطريق العلم به هو السمع، وليس في الكتاب والسنة وصف له بأنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا مباينه ولا مداخله].

يشير المصنف هنا إلى بعض طرق الاستدلال، وذلك عندما ذكر صفة العلو والاستواء، فإن العلو يعلم بالعقل الموافق للسمع، ويدخل في هذا الباب كثير من الصفات، أي: أنها تعلم بالعقل وتعلم بالسمع، أو يقال: تعلم بالعقل الموافق للسمع.

ومعنى أنها تعلم بالعقل: أنه يعلم ثبوتها بالعقل ابتداءً واختصاصاً، وإن كان قد جاء السمع بذكرها؛ كصفة العلو، والعلم، والسمع، والبصر، ونحو ذلك.

والنوع الثاني من الصفات: هو ما يعلم بالسمع، وقد مثل له المصنف بصفة الاستواء على العرش، وما علم بالسمع المقصود به: أن العقل لا يحصل العلم به ابتداءً، لكن السمع -أي: الدليل من القرآن والسنة- إذا وردا به فإن العقل يكون مصدقاً بذلك، ولا يكون معارضاً أو منافياً له.

فلو قيل: هل تثبت الصفات بالعقل؟

فإن الجواب: أما قواعد الصفات الكلية فإنها معلومة بالعقل، كقاعدة: أن الله مستحق للكمال منزه عن النقص، أما تفصيل الصفات، أو مفصل الصفات، فإن منها نوعاً يعلم بالعقل الموافق للسمع، ومنها ما يكون معلوماً بالسمع، وإذا ورد السمع به صدقه العقل وإن لم يعلمه ابتداءً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015