قال المصنف رحمه الله: [ثم إن من المعلوم أن الرب لما وصف نفسه بأنه حي عليم قدير، لم يقل المسلمون: إن ظاهر هذا غير مراد؛ لأن مفهوم ذلك في حقه مثل مفهومه في حقنا، فكذلك لما وصف نفسه بأنه خلق آدم بيديه، لم يوجب ذلك أن يكون ظاهره غير مراد؛ لأن مفهوم ذلك في حقه كمفهومه في حقنا؛ بل صفة الموصوف تناسبه].
لأنها مضافة إليه، ولذلك -ولله المثل الأعلى- كما يمتنع أن تفسر صفة مخلوق بصفة مخلوق آخر، بعد إضافتها إلى المخلوق الأول، كذلك يمتنع من باب أولى أن تفسر صفة من صفات الباري بما هو من حقائق وكيفيات صفات مخلوقاته، ثم يذهب إلى نفيها، فإن النفي هنا لا شك أنه نفي صحيح، لكن الإشكال هو في أصل التفسير، أي: أنهم لم يفهموا من صفاته إلا ما كان مشابهاً لصفات المخلوقات، ولذلك قال أهل العلم: (كل معطل ممثل)؛ وذلك لأنه لم يذهب إلى التعطيل إلا لأنه لم يكن في عقله وإدراكه عن الصفة إلا حقائق من حقائق التشبيه والتمثيل، ولذلك نفاها، وإلا فلو تحقق عنده الكمال اللائق بالله سبحانه وتعالى، ولم يدخل عليه مادة من التشبيه؛ لما انقاد عقله إلى مقام التعطيل.